أعمدة

محمد عبد الرحمن | يكتب : مكالمة أسامة وإنجى

محمد عبد الرحمن

الموضوع أكبر مما يتصوره بعض بسطاء هذا البلد، هؤلاء الذين يرون فى تسريب المكالمات سلاحا بتَّارا ضد من يتآمرون على مصر حسب وعيهم الذى أفسده إعلاميون، لم يتكلموا يوما بلسان الناس عكس ما يدّعون، أشرت فى مقال «المعارض الشرس أحمد موسى» إلى أن الاتصال المسرَّب بين أسامة محمد مرسى وإنجى مراسلة قناة «العربية»، أفاد الإخوان وأنصارهم كثيرا، وحاولت طويلا أبحث عن فائدة حصل عليها من يقف وراء التسريب فلم أجد، هل أصبح كل شىء بهذه العشوائية حتى فى ما يتعلق بانتهاك الدستور المصرى، يعنى لو كانت لدى هؤلاء «البجاحة» الكافية لانتهاك دستور الأمة، فلماذا لا يبذلون مزيدا من الجهد للاستفادة من هذا الانتهاك، بدلا من تحقيق كل هذه الأضرار، وأولها أن هذا التسريب هو الأول الذى يكون طرفه الثانى أحد المنشغلين بالحقل الإعلامى، ومَن يعرف أبجديات هذه المهنة يدرك أن الإعلامى الذى لا يخدم مصادر بعينها يجب أن ينفتح على الجميع، وأن تكوين الصداقات مع المصادر والروابط الإنسانية أمر وارد ومتكرر داخل الوسط، والمنطقى أنه لو فرضنا أن هناك إعلاميا مؤمنا بثورة يناير وفرضت عليه ظروف العمل أن يتصل بأحد أعمدة نظام مبارك، فهل نتوقع مثلا أن يقوم بسبه على الهاتف حتى يثبت ثوريته؟!

قواعد العمل الإعلامى مختلفة والسخرية التى وصلتنى من زملاء يعملون فى قنوات إخبارية عربية لا حصر لها، لا يصدقون أننا وصلنا إلى هذه الدرجة فى الخصومة، أحدهم سألنى مندهشا: كيف تُدخلون قناة «العربية» التى تنتمى إليها الزميلة إنجى فى صراع كهذا، والرئيس السيسى عائد من الرياض منذ أيام؟ لماذا لم يفكر صاحب التسريب فى إخفاء القناة وصوت المراسلة، لو كان هدفه الإضرار بنجل مرسى؟ لم أجد أى إجابات منطقية يمكن أن أرد بها على الزملاء، اكتفيت بالتظاهر بأننى على يقين من أن هذه الفضائح لن تعود مجددا، وأن هناك رغبة حقيقية لدى الرئاسة والمجتمع ككل للتصدى لهذه الترهات، قال لى أحدهم ساخرا: حتى يحدث هذا لن نكلمك هاتفيا، لا نريد أن يصل صوتنا للملايين تحت أى ظرف مستقبلا، ضحكت بصوت مرتفع ثم تمتمت فى سرى: منك لله يا اللى كنت السبب.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى