مقالات القراء

محمود مطر| يكتب : رحلة إلي الغرفة 118 علي كوكب المريخ

محمود مطر| يكتب: زهايمر في زمن الحروب

في مشهد جميل و غير مألوف سمع موظف الإعلانات في المطار ينادي بأعلى صوته قائلاً: على ركاب الرحلة المتجهة إلى المريخ الاستعداد، فالانطلاق سيكون خلال ثلاث دقائق، حينها بدأت أرتب أموري وأجمع أشيائي للصعود إلى الطائرة و الجلوس على مقعدي، فتلك الرحلة جديدة لحد أن عقلي لم يستوعبها بعد لكنها الحقيقة حتى أنني قد تكبدت عناءًا شديدا من أجل الظفر بغرفة تحمل رقماً قريباً إلى قلبي، رقم أتفاءل به إلى حد كبير لن أطيل عليكم فحكايتي مع هذا الرقم هي مقالة بحد ذاتها نعم حجزت الغرفة 118 في فندق على هذا الكوكب القريب لكوكب الأرض و الذي كان يخلو من الحياة إلى أن تغير كل شيء وأصبح المريخ متاحا للسفر و الاستكشاف.

فجأة وجدت نفسي ملقى على سرير في عيادة لدكتور الأمراض النفسية و العصبية و على رأسي جهاز غريب و بعد أن حظيت ببعض المياه و كوب شاي ساخن أخذ الطبيب يشرح لي حالتي الصحية فاكتشفت أنني أعاني من الاكتئاب و فقدان الذاكرة المؤقت و أخبرني أنه يستخدم جهاز الأحلام لمعالجتي، و أنني أتردد عليه كل أسبوع مرتين، و رغم ما قاله لي لا أتذكر أي شيء حتى أنني بدأت أبحث في ذاكرتي عن اسمه الذي لا أعرفه، لكنني تذكرت ما حدث لي بعد سفري المباشر لكوكب المريخ و جلست أتحدث مع هذا الطبيب المجهول عن رحلتي و تعجبت أنه ينصت باهتمام شديد و يدون ملاحظاته و ما أقوله حتى وصلت لرقم الغرفة التي حجزت بها فارتبك و احمر وجهه و قال لي و كأنه يريدني أن أنصرف في الحال أراك بعد يومين وقتها كنت شديد التعب إلى حد الإنهاك فذهبت إلى منزلي و ما إن وصلت بدأت بإعداد كوب القهوة الضخم و جلست أفكر هل حقا سافرت للمريخ؟ هل كانت رحلة حقيقية أم أنه العقل الباطن؟ هل الغرفة التي عشت فيها على ذلك كوكب حقيقة أم أنه رقم عابر في تخيلاتي وأوهامي؟ هل حقا حدث كل ما رويته للطبيب؟ الكثير من الأسئلة دارت في رأسي دون أن أجد لها إجابات شافية واستيقظت صباحا ملقا على الأريكة وكوب القهوة كما هو، وملابسي كما هي.

كثيرا ً ما كنت أحلم بالسفر إلى المريخ رغم صعوبة ذلك أو استحالته فالحياة هناك منعدمة والرحلة باهظة جدا لكنها كانت سهلة في أحلامي ممكنة عبر عقلي الباطن بدون أي مجهود أو تكاليف. ترى لماذا أصر على السفر إلى هناك؟ السؤال الوحيد الذي استطعت الإجابة عليه نعم فقد أصابني اليأس و الإحباط لدرجة أنني أردت أن تكون لي حياة جديدة بعيدا عن التطفل و الأذى و النفاق البشري بعيدا عن أي مجاملات، لذا قررت حجز غرفة هناك في ذلك الفندق الذي لا يطل على شيء و المنعزل تماما، و ما زاد الرحلة إثارة و تشويقا أنك تقابل أناسا مثلك لا يحبون الضوضاء، أناس كل واحد فيهم هرب بعقله الباطن إلى المريخ فهم مثلي تماما ضعفاء جدا لا يقوون على اتخاذ القرارات الصحيحة و تركوا مواجهة المشاكل التي يعانون منها عبر إدمان ما هو أخط: الهلاوس و الأحلام و بذلك فهم ينفصلون عن الواقع رويدا رويدا. قصة قصيرة من تأليف كاتب المقال لا تمت للواقع بصلة، موجودة فقط في عقله الباطن وكذا تلك الهلاوس و الأحلام التي تختلف من شخص لأخر والتي قد تصيب أي فرد منا و يترك عقله الباطن كما يطلق عليه أساتذة علم النفس يتحكم بالأحداث التي لا وجود لها في حياته ربما كان الانطواء، ربما كان الاكتئاب أو الحزن و هذا ما يغذي العقل الباطن و يحثه على نشر شباكه حول العقل الحقيقي و يبدأ الخيال و الوهم الزائف الذي يصيبنا في لحظات الضعف، و التي تجد فيها عقلك لا حول له ولا قوة و كأنه في معركة كبيرة تستنزف فيها قوته استنزافا رهيبا ولا يوجد طوق نجاة سوى الإرادة القوية للإنسان بحد ذاته لكنه يخذل نفسه بنفسه و يضعفها فيسلم الراية و يبقى محاصرا من كل الاتجاهات و كأنه يقول: هذه النهاية هذه النهاية.

العزلة، الهروب من الواقع، أو حتى السفر إلى المريخ كلها طرق تؤدي إلى الوهم ، صحيح أنه يشعرك بالراحة في البداية لأنه يعوضك عما ينقصك، لكنها راحة مؤقتة و ليست دائمة فحتى لو سافرت إلى المجموعة الشمسية بأكملها ستعود إلى الأرض إلى واقعك الذي كان عليك مواجهته من البداية، لذا أنصحك يا صديقي أن تكون قويا حتى لا تلقى مصيري.

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى