مقالات القراء

مقالات القراء | دكتور محمد خاطر يكتب :عفوا يا برادعي…حتى لا تتكرر المهزلة

6666

عفوا لأن الثورة لم تحكم, وصارت مقاليد الأمور بيد كهنة فرعون, ولم العجب فما للكهنة من هم غير تأليه الفرعون و ترسيخ هذا المعتقد الساري في أوصال الوطن…وطني الحبيب مصر
عفوا لأن كهنة العسكر تحالفوا مع كهنة الدين, ذلك التحالف الأزلي بين الآلة العسكرية و الآلة الدينية…ما يغمرني بالأسى لوصفها بالآلة, و لكنهم معا جعلوا من الدين آلة
عفوا لأن من رجال الدين من جعلوا منه آلة و وسيلة للسلطة-وما كنت أحب ذلك- فهو ذات الدين الذي شوهه التحالف وخرج به عن أسمى معانيه و أساس غاياته , وهي إقامة الحق و العدل و إعمال العقل, فلم يكن حقا أن نستفتى على دستور قد سقط بالفعل الثوري, و لم يكن عدلا أن يحاكم الثوار عسكريا و بلا سند واضح حتى الآن, و لم يكن من العقل أن نتجاوز الدستور و نتجاهله-و هو الثابت المستديم- لنفرز البرلمان- وهو المتغير دوريا- و المحتاج دائما لمرجعية يشرع من خلالها… ولكن المصالح تتلاقى و الميكيافيلية تسود المشهد… وا أسفاه
عفوا لأن المصريين عانوا الظلم منذ فجر تاريخهم, وما للمظلوم من قبلة خير من الله العدل الرحيم…فالمظلوم المسكين يستمسك بدينه أملا في الخلاص و سعيا لإقامة الطمأنينة و السلام داخل نفسه …فلا نلوم المصريين, و لكن نلوم رجال الدين من السياسيين.

و الله ما ألوم فيهم فوزهم بالبرلمان فهذا لا يضيرني, و لكن ألوم فيهم تخليهم عن الثورة التي تشاركناها و تقاسمنا أحلامها معا, و لو عاد بنا الزمن و بدأنا بالدستور لفازوا أيضا بالبرلمان- وهم يعلمون- و لفزنا جميعا بالثورة… فلم كان الشتات و لم تركتم الميدان لتسحل فيه السيدات؟!!!

عفوا لأن الثوار أقلية… عفوا للأزمة الاقتصادية و عجلة الإنتاج الوهمية التي ما وجدت أصلا حتى يوقفها الثوار أو غيرهم- و إنما قامت الثورة لتحركها ابتداءا- تلك العجلة التي تعجل المصريون دورانها على أساس من الباطل, فهي الرغيف و المسكن…و هي العيش في مأمن.

و أنى لإنتاج أو استثمار أن يكون في بلد يموج بالثورة و يحكمه العسكر فيطيلون البقاء و يزيدون الشقاء بحجة حفظ الأمن و الاستقرار,فنعيش عاما ينضب فيه ينبوع الأمن المنشود و تعلو خلاله أمواج الدم و الخطف و السحل فلا ندري أنموت غرقا أم اختناقا بغاز الجنود.

عفوا فقد ألبسوا الثوار رداء الخيانة, الثوار اللذين ادعى كهنة العسكر حمايتهم يملؤون السجون, فلم تسحقون عشرات الآلاف من الورود التي تفتحت في الجنائن كما تصفون؟!!!

و هل استيقظت الأجهزة الأمنية فجأة فاكتشفت أن المنظمات الأهلية-الراعي الطبيعي لحقوق الإنسان و الديمقراطية و الموجودة في كل بلاد العالم المتحضر- اكتشفت أنها ممولة و عميلة و تهدف للتخريب؟!!!

نعم انها تهدف للتخريب, تخريب نظامكم الاستبدادي الفاسد و كشف سوءاته…و سالت عليها الشموع

عفوا يا من ترتضون خروجا آمنا للعسكر, أتقبلون هذا الخروج بعد موافقة القوى السياسية و تنسون أنكم ستتسلمون السلطة بعد 6 أشهر فقط بفعل الثوار و الشهداء الخالدين في محمد محمود و قبلهم كثيرون ممن منحوكم أنتم و جميع القوى السياسية سماء الحرية و التواجد في العلن؟!!!

حقيقة لا أستطيع بلع الفكرة و لا حتى أستسيغها…فكرة أنكم ارتضيتم اكتساب الشرعية برعاية السلطة الحاكمة- كالعادة- و انتم بذلك فرحون, بديلا عن اكتسابها برعاية الثورة و الثوار و الشهداء أصحاب الفضل علينا جميعا.

أو ليس اكتساب الشرعية الثورية أفضل و أوقع؟!!! و في كل الأحوال كنتم في البرلمان ستجلسون دون الحاجة لأي مواءمة مع العسكر…فمم الخوف و ماذا تضمرون لمصر يا أيها (الإصلاحيون).

لماذا النزوع الدائم الى عقد الصفقات مع السلطة التي قامت الثورة لإسقاطها بالقوة و ليس بالسياسة, مع أن اسقاطها في هذه الثورة كان أسهل كثيرا لو توحدنا جميعا أمامها, ومع ذلك رضيتم بالوفاق فأنتم إصلاحيون و لستم ثوريون…الآن فهمت.

شتان بين الثورة التي تتخذ من القوة آلية لها, و الإصلاح الذي لا يكون إلا بالسياسة والتفاوض و التوافق مع الحاكم لعمل الإصلاحات…انكم أهل سياسة فدعوا الثورة لمن يؤمنون بها وكفى.

هل هي قاعدة أن درء المخاطر مقدم على جلب المنفعة؟!! وهل هذه قاعدة فقهية أم سياسية؟!! أوليست الثورة و ما تبعها من أحداث شأنا سياسيا بحتا قام بفعل القوة الثورية ليغير السياسات الفاسدة لا ليغير من دين المجتمع, فكل سيظل على دينه أكانت الثورة أم لم تكن.

عفوا…قد اسدل الستار

عفوا…قد أسدل قبل الأوان

عفوا…قد انتهى المشهد

إذا كنا سنحتفل بالثورة في ذكراها الأولى فهذا يعني أنها قد نجحت, فهل تشكيل البرلمان كان هو هدف الثورة؟!!

هل اختيار رئيس مدني غير معلومة صلاحياته, و الإنتاج السريع المتعجل المقترح للدستور يبشران بأننا نعدوا على الطريق الصحيح؟

أسمع أصواتا تعلوا اليوم مطالبة بضرورة وضع الدستور قبل الرئيس حتى لا يستأثر الرئيس بالسلطة من جديد, و لكن ما من مشكلة في انتخاب برلمان هو الآخر غير معلوم الصلاحيات بل و توكل إليه مسألة صناعة الدستور الذي يضع الحد الفاصل بين السلطات!!!

هل أسقطنا ديكتاتورا لننقل صلاحياته الى مجموعة (منتخبة) من الديكتاتوريين؟….سؤال ملأني خوفا

أمن العقل أن نعد و ننفذ الانتخابات في عام كامل ثم نضع الدستور متعجلين في شهر أو ستين يوما؟!!

الدستور هو العقد الاجتماعي الذي ينظم شؤون الشعوب أجيالا طويلة من الزمن, و الانتخابات تنتج البرلمان الذي وظيفته (إدارة) هذه الشؤون وفقا لنصوص وبنود ومواد العقد الاجتماعي, بل إن مجرد إدخال تعديلات على الدساتير لهو أمر جلل تقوم به البرلمانات في ظل تواجد و توافق الأطراف الأخرى في السلطة.

هل هكذا ندفع بالثورة في المسار القويم؟

عفوا يا سادة…يا جميع السادة و الساسة, هناك الجزء الثاني من كتاب الثورة المصرية, و هو بفضلكم قيد الإعداد و الطباعة و سيكون متوفرا قريبا بأيدي المصريين…شئتم أم أبيتم.
عفوا يا برادعي…فالثورة لم تكتمل بعد, و كيف لها أن تكتمل و قد انصرف عنها الجميع إلى السياسة, البعض مسرورا… و الثائر مجبورا.
لم يكن للبرادعي في انتخاب البرلمان ناقة و لا جمل…و لكن عندما حان وقت الرئاسة و كثر اللغط الذي يسبق الحسم, قرر الرجل الالتزام بمكانه الحر بين الثوار في الشارع- استنادا على ما تقدم ذكره من وقائع- حتى لا تتكرر المهزلة.

بقلم : محمد خاطر 

(( جميع ما ينشر على الموقع من مقالات القراء تعبر عن رأي صاحبها ولا تعبر عن رأي الموقع ))

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي

‫3 تعليقات

  1. لو لم يذكر الموقع هذه العبارة “(( جميع ما ينشر على الموقع من مقالات القراء تعبر عن رأي صاحبها ولا تعبر عن رأي الموقع ))”, لقلت أنه موقع فاشل, يا دكتور محمد انت فاكرنا عاشيشين في بلد تانية وللا ايه, انت ازاي تتكلم بلسان الشعب, كلنا عارفين ان فيه متسلقين كتير و مفسدين بيننا, و فعلا دول أفسدوا بعضا من اهداف الثورة أو علي الأقل عطلوها, ازاي بنطلب التغيير و احنا ما اتغيرناش, و أحب أقول حاجة كمان, ما ينفعش نقول ان الثورة اكتملت لأنها لو اكتملت هتبدأ في الانهيار, الثورة لازم تستمر إلي الأبد, علي الأقل في نفوسنا, و مستني ردك

    1. يا استاذ كاكا ده رأيي و مش بتكلم بلسان الشعب و لا حاجه, و إلا حضرتك روح حاسب كل اللي بيكتبوا مقالات في كل الجرايد. ثانيا حاول تفصل بين الأمور شوية..المقال حاجة و الناس المفسدة حاجة تانية وده من كلامك: (كلنا عارفين ان فيه متسلقين كتير و مفسدين بيننا, و فعلا دول أفسدوا بعضا من اهداف الثورة أو علي الأقل عطلوها, ازاي بنطلب التغيير و احنا ما اتغيرناش) و أخيرا انت بتقول (ما ينفعش نقول ان الثورة اكتملت لأنها لو اكتملت هتبدأ في الانهيار, الثورة لازم تستمر إلي الأبد, علي الأقل في نفوسنا), يعني ايه ثورة للأبد؟!! احنا فاضيين يا ابني؟!!

زر الذهاب إلى الأعلى