مقالات القراء

مقالات القراء | محمد فتحى الجابرى يكتب : حين رأيت الموت

3

لا أدري كيف أحكي تفاصيل تلك التجربة العصيبة التي مررت بها 
بدأ يوم الاثنين صحواً جميلاً ذا شمسٍ دافئة وبدأته بإجتماع في مقر جمعية صناع الحياة بأبوحماد ثم قمنا ببحث خاص بمشروع العلم قوة في قرية عليم بعدها ذهبت للزقازيق أنهيت بعد متطلباتي وحضرت الندوة الشعرية في قصر الثقافة وعدت إلي أبوحماد وفي طريق العودة كان الطريق مغلقا عند قرية صفط الحنة ظنناهُ حادث أو ما شابة لكن سمعنا صراخ واشخاص كثيرون يفرون هاربين سواء بسيارتهم او جريا علي الأقدام فلاذ السائق بالفرار هو الأخر ليأخذ الطريق المخالف ليواجهه نفس الأمر وبدأ الرعب يشب في قلب السائق وقلوبنا جميعا عندما حاول الفرار وبدأ قاطعي الطريق في المطاردة وبالفعل لحقوا به وأنزلوه بسباب غير عادي وظل أحدهم يجرحه بمطواة في رأسة وعندما أنزلوا إنهالو عليها ضربا بالسيوف والهروات الثقيلة والكثير منهم كان يحطم السيارة ونحنُ داخلها .
كان الزجاج المكسور يتاطير في وجوهنا ويجرح ما يقابل في طريقة ، صراخ الإناث كان يصم الآذان واقشعر بدني حين سمعت الجميع يتلون الشهادة .
فتح احدهم باب السيارة في عنف وجر احد الراكبين في عنف اقوى ملقيا به علي الطريق ومازالو يحطمون السيارة ويضربون السائق المُسجى علي الاسفلت بلا حراك ونزلنا من السيارة نجري بلا هُدى حتي ابتعدنا قليلا فوقفنا نلتقد أنفاسنا كنا سبعة اشخاص خمسة شباب واثنتين من الاناث ، ماذا حدث للسبعة راكبين الاأخرين فلا أدري .
هرولنا إلي داخل قرية صفط متجهين نحو محطة القطار واختبئنا بها منتظرين القطار القادم الذي هو وسيلة النقل الوحيدة التي قد تعيدنا إلي ابوحماد وجاء القطار وفجأة رأينا وابل من الحجاة يُمطر القطار فلم يقف لنا بعد ان كان هدأ سرعته واسرع مرة أخرى تاركنا خلفة في الظلام والبرد ليس لنا إلا الله .
ظلت السيدة التي معنا تبكي وتدعو الله ان ينقذنا مما نحنُ فيه ورأينا بعض ممن كانو يمطرون لقطار بالحجارة متجهين نحونا فسارعنا بالفرار ، مؤلم جدا ان تنظر فترى امرأة تعدت الاربعين من عمرها بكثير وهي تجري علي هذا الحصي الذي يملئ المكان بجوار القضبان لما استطع الا أن احمل عنها ما كانت تحملها وساعدها شاب اخر فتسندت عليها اثناء جريها وساعد شاب اخر الفتاة التي كانت فرفقتنا حتي بعدنا عنهم وبدأن رحلتنا لأبوحماد سيرا علي الاقدام في قلب الظلام وسط هذة الحقول وفوق شريط القطر .
لم أتخيل ولو لثانية منذ بدأت الأحداث اني قد أجلس هنا في بيتي لأكتب هذة السطور ، منظر الرجال وهم يحطمون السيارة ويجرونا خارجها ويتكالبون علي قتل السائق أيقنني تماما أنها النهاية ولا شك .
وطال بنا المسير في خوف وترقب شديد حتي الكلاب لم ترحمنا ظلت تعوي بجوارنا لترعب الفتاة والسيدة أكثر ونحن في طريقنا نحو المجهول حتى وصلنا إلي قرية تدعي النخيلة او النخيلي وكان اهلها متجمهرون وحذرونا من الخروج للطريق الرئيسي فعدنا أدراجنا نمشي علي الطريق المظلم في الناحية الأخري واصوات ابواق الاسعاف تدوي في الناحية الأخري بينما الطريق الرئيسي مغلق تماما ولا منفذ للسيارات وظللنا نمشي نطمئن بعضنا ورفضت السيدة المشي اكثر من ذلك وابلغت ابنها عن مكانها وانظر معها احد الشباب وظلو برفقة اهل القرية ومضينا نحن في طريقنا .
سمعنا ان هؤلاء القوم يفعلون ذلك لأن فتاتين من اهل القريه قد خُطفتا وانهم يرهبون الناس كوسيلة ضغط عيل الشرطة لتبحث لهم عن فتياتهم وسمعنا انه فتي ابن احد كبار القرية قد تم خطفة لا أجزم ما الدافع وراء هذا الارهاب ومهام كان الدافع فهو ليس مبرر اطلاقا للإرهاب والقتل وهذة الافعال مرت بنا سيارة عائدة لأبو حماد من هذا الطريق الغير ممهد واستوقفناها وألححنا عليالسائق ليأخذ الفتاه فقط معه الي ابوحماد ورضي الرجل وأخذها وبقينا نحن .
حمل ثقيل وقد انزاح وهو اننا اصبحنا شباب فقط وليس معنا أي إناث وأكملنا الرحلة ولكن علي طريق افضل بكثير من شريط القطر حتي اتت سيارة أخري أقلتنا إلي الطريق الرئيسي وأنزلتنا عند مدخل عمريط ومن هناك جاءت سيارة أخري لتقلنا إلي ابوحماد .
قضينا في هذة المحنة قرابة الساعتين ولكنني شعرت انها قد امتدت لقرنين من الزمان ، كانت الدهشة علي وجوة الجميع هل حقا نحن في ابوحماد ؟ ونجونا مما قد رأيناه ؟
احد الشباب قال اول شئ سأفعلة عندما انزل هو تقبيل الارض وأخر لعن الثورة ومن قاموا بها وأخر ضحك في هستيريا فرحا بنجاته من موت محقق وأخر تساءل في شبة صدمة هذا السائق ما ذنبة ان تحطم سيارته ويلقي هذا الجزاء ؟
انا وغيري عدنا لديارنا سالمين غيرنا لم يعد سالما وغيرهم لم يعد من الاساس .
إلى متي سنظل نحيا في هذة الدوامة الغريبة من الإنفلات الأمني ومن الإرهاب والترويع ؟
ماذا جنت تلك السيدة التي تتنفس بصعوبة لتجري علي الحصي الحاد في قلب الظلام والبرد باكية داعية الله ان ينقذنا ؟ 
وعندما عدت عرفتا من اصدقائي ان هذا الفعل يتم يوميا من الساعه التاسعة مساءا وحتي الفجر منذ ما يقرب من خمسة ايام 
سؤال للسيد محافظ الشرقية كيف يستمر هذا الفعل لخمسة ايام متواصلة دون ردع هؤلاء الارهابين ؟
سيدي المحافظ ما ذنبا ان نروّع بهذة الطريقة ؟ 
إن كنت غير قادر علي تأمين رعاياك فلترحل رجاءا 

بقلم : محمد فتحي الجابري

 

(( جميع ما ينشر على الموقع من مقالات القراء تعبر عن رأي صاحبها ولا تعبر عن رأي الموقع ))

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى