مقالات القراء

مقالات القراء| مصطفى علاء يكتب : كيف يجهض العسكر الثور


علاءالحريـة و الوعي متلازمتان لا ينفك أحدهما عن الآخــر. إذا اردت ان تهزم خصمك عليك ان تعرف كيف يفكر – نابليون. لذا فقراءة المشهد من زاوية الخصم أمر مهم جدا ولا تكتمل الصورة إلا بذلك. المعركة كلها ان العسكر وجد ان محطة الدستور قربت دون الاتفاق على دوره فأعاد خلط الأوراق. عندنا مسار رئيسي للصراع ومسارات فرعية ، لازم نفهم الجزئيتين دول كويس، الاول فعل والتاني مفتعل. مسار الفعل هو انتقال السلطة عن طريق برلمان منتخب، مسار الافتعال هو الاحداث الجانبية اللي بتحصل دوريا. واللي بيفتعل الأزمات الجانبية هو صاحب رغبة في التأثير على سير المسار الرئيسي ده امر محسوم. ودومـا أكرر ! .، نــحن نندمـج في “المشهد” الجزئي وننسى السيناريو الكُلي. مخطط العسكرالعام من البداية هو:

تفتيت الكتلة الثورية + تشويه وقتل الحالة الشبابية + عزل الإخوان + الاختلاء بكل طرف على حده + تجييش الشارع لصالح المجلس + استفتاء = مخطط انهاء الثورة.

أدوات ضمان نجاح المخطط

المخابرات هي من يحكم مصر وأدواتها : الكذب والتضليل والوقيعة ونشر الخوف والتحالف مع الشيطان. ادواتهم الآن هي:

1- حرق التحرير عن طريق اختراقه و توجيهه ثم تشويهه

بعد جولة ميدانية للتحرير (الاربعاء 21 ديسمبر 2011): التحرير كما شاهدت مُسيطر عليه بشكل كامل من التحريات العسكرية وافراد الأمن، وهم من يقومون بعمليات التوجيه وتجميع الناس حولهم. وجدت من يقوم بعملية تجميع الناس حوله ليلقي بهم كلمة أو يحشد هممهم هو شخص في الغالب يرسل رسائل شحن “انتقامية” للحفاظ على زخم الميدان. أفراد المخابرات الحربية واضح انهم بيدفعوا على قد ما يقدروا يعملوا شغل شئون معنوية للميدان، وافتقدت النشطاء اليوم بشكل واضح.

الغريب هو شحن الميدان ضد أي قيادات سياسية ممكن تدخله وتنظمه، هو (العسكر) عاوزه كده حالة فوضوية يديرها هو لا أحد غيره ، ويبدو أنه نجح بذلك. فراغ التحرير اليوم بسبب عدم وجود “قمع” و المخابرات كانت بتحاول تعوض ده بتجميع الناس ورفع روح الميدان الانتقامية، للحفاظ على نسبة تواجد. أنا فعلا وجدت أن خيار الميدان بهذه الطريقة “وهم” يصنعه المجلس، ونتوهم نحن أنه خيار ثوري يخدمنا وهو في الحقيقة يقتلنا، إذا لم نتدارك الأزمة. وهنا نقف أمام الثائر صاحب “الهدف والغاية” والثائر صاحب “تفريغ الشحنة”، وطريقة تفكير كل منهم حاكمة على المشهد.

القيادات الشبابية لا تقود المشهد حقيقة، ولا أظن أن احدا يدعي انه يستطيع ان يقود المشهد دون تنظيم واضح للأهداف وللعمل الميداني. تنقية أو تحييد الخطاب المخابراتي من الميدان والأهم تحييد العناصر “الامنية” داخل الثوار عملية تحتاج الى عمل منظم ، وأظنها صعبة الآن. السيطرة على الميدان لن تكون إلا بكتل منظمة مش مجرد محاولات فردية مش هتفيد بالشكل ده، وللأسف ان صفوف الثوار نفسها مخترقه بعناصر أمنية. مش هنفذ مخطط مخابراتي وهقول انا بعمل ثورة ، لو مش قادر أدير المشهد فجلوسي في المنزل أفضل.

الخلاصة: ان الحالة الحالية هي حالة غاضبة غير منظمة وغير واعية لأهداف محددة ، المشكلة كبيرة جدا والطرف الذي متلك القوة هو من يحدد ردود الافعال واتجاهاتها. مخطط كامل لحرق الثورة قبل يناير25. حرب بجيش اعلامي وجيش ميداني وتحييد للقوى السياسية. هناك هدف مبيت لتصفية الشباب البارز في الحركة الثورية، تصفية حسابات يناير الماضي لما اسقطنا إله العسكر مبارك. و أظن ان الموضوع مش هينتهي بانتهاء الانتخابات، لأن الجيش هيصدرلنا كل شوية صدام في الشارع لحرق التحرير قبل 25 يناير القادم. حرق المباني الحكومية مع اختراق صفوف الثوار وحرق صورتهم اعلاميا عملية ممنهجة.

2- عزل الرموز الوطنية والقوي السياسية و استهداف الشخصيات الوطنية المؤثرة

تم احتواء العناصر المؤثرة في الميدان عن طريق امتصاصهم اعلاميا، زي إمام عمر مكرم والشيخ صفوت، بقالهم برامج على السي بي سي والنهار . صفوت حجازي بالأخص عنده قدره على التعامل الميداني والتوجيه وده كان مطلوب انه ينفصل عن الميدان من زمان. أيضا هناك عملية ممنهجة لإسقاط النخب إعلاميا والوقيعة بينها وبين الميدان بترويج سقطاتهم وتصريحاتهم عشان يكون عزل مضمون 100% ومؤكد ومستمر. كل شوية يسقطولنا رمز ويفصلوه عن الميدان ويخلقوا بينه وبيننا عداوة وده كله عن طريق الاعلام، عشان نفضل معزلوين تماما عن القيادات الكبيرة. وكمان طرد النخب السياسية من الميدان كان ده هدفه وكانت عناصر التحريات العسكرية متبلغة انها تهيج الميدان عليهم، ممنوع دخول حد ممكن يشكل قيادة. وعشان كده انقتل الشيخ عماد عفت، ده كان وقت تنقية المشهد من القيادات العاقلة ذات الكاريزما، واغتيل لانه كان بيهدي الشباب. مش ملاحظين انهم مش بيستهدفوا من الثوار إلا اللي بيفكروا وبيأثروا وبيعزلوهم ، علاء عبدالفتاح نموذجا !! ، ده مخطط مكتمل المعالم. وأظن ان السبب الحقيقي لحبس علاء مش موضوع شتم المشير والكلام الفاضي ده، علاء بيشتغل على الأرض. هناك فعلا مخطط كبير لفصل النخب النضيفة عن الشباب عشان يفضل الشباب معزولين وده حصل مع المستشار الخضيري. كنا بنشرح للمستشار الخضيري حقيقة المشهد الثوري ومتجاوب جدا والناس دي محتاجة الشباب تبقى حواليها لأن للأسف المحيطين به كانوا بيصوروله مشهد مشوه.

ايضا اقصائية بعض الثوار وطردهم لشخصيات بارزة فعل أحمق !! كنت اتشطر ودور واطرد عناصر التحريات العسكرية والمخربين بداخلك ده أفضل لثورتك. تبريرات البعض لطرد شخصيات عامة وسياسية من الميدان “طفولية” و “مراهقة” وتكشف فعلا عن عدم ادراك للمشهد وخطورة المعركة التي تخوضها الثورة .

– تصعيد و تصدير النماذج المتطرفة

المستبد يخشى المعتدل .. ولا يخشى المتطرف. الولايات المتحدة وظفت التطرف لصالح توسعها ، السعودية وظفته لصالح تثبيت الحكم في الداخل ، سوريا وظفته في عهد حافظ لسحق المعارضين وهكذا. التطرف ليس “الديني” فقط وانما التطرف الفكري عامة والسياسي، يسهل جدا على الطرف الاخر توظيفه بشكل جيد لتسويق نفسه. لذلك حينما تجد تصعيد للخطاب المتطرف وفتح المجالات لصوته .. فاعلم أن السلطة هي من تقف خلفه. طبقوا ما سبق في كل ما يحدث في مصر ، بداية من تصعيد النماذج المتطرفة من الخطابين الاسلامي والعلماني و غيرها كثير.

4-الاعلام الموجَه و الموجِه

في هذا العصر لا تبحث عن “حقيقة” الحدث ، بل ابحث عن كيفية توظيفه اعلاميا وسياسيا. إن أغلب الصراعات في العالم هي صراعات غير مباشرة أدواتها بالأساس السيطرة على العقول لا الأجساد والكيانات، اسمها حروب المعرفة و أداتها الاعلام. في إعلام “مُـوجَه” و إعلام “مُــوجِه” ، واحد بيكون معلوم انتماءه ومصدره زي الإعلام الحزبي والحكومي وإعلام يدعي الانتماء للمشاهد ويحمل رسالة. دوما الإعلام الرسمي لا يكفي للنظام في ظل وجود تعددية المصادر الإعلامية، لازم يصنع اعلام “خاص” يكسب الرأي العام ثم يقوم بعملية توجيه ممنهجة. الثابت في الإعلام أن الوسيلة الإعلامية هي مجرد “لسان” لجسد أو كيان أو فكرة ، سواء تمكنا من رؤية هذا الجسد او الكيان أو الفكرة أم لا. ولذلك فقد ولى الزمن الذي نقول فيه “خرج عليهم شاهرا سيفه”

 

لأن من لا يمتلك اعلام قوي لا يمتلك سيفا بالأساس وسيتم سحقه بل وتقديم مبررات سحقه. مثال الاعلام الموجِه: السي بي سي هي المشروع الإعلامي الأنجح الذي يقف خلفه النظام لتقليص تأثير الجزيرة ويبدو أنه ينجح لأول مرة. السي بي سي قناة مشبوهة في تغطيتها وهدفها سحب البساط من تحت الجزيرة مصر لنشر رواية المخابرات بطريقة ذكية. السي بي سي قناة محترفة في ربط مادتها الاعلامية ببعضها لتضمين رساله سياسية ، ودليل نجاحها أن المتابع العادي لن يشعر بخطورتها ومدى تضليلها. رسالة “السي بي سي” الإعلامية هي كفلسفة “الاختراق” في الاعتصامات ، يلتحم معاك ويكون جوا صفك وساعة الصفر يبدأ يوجهك من داخلك بما يخدم الخصم. تميز ونجاح “سي بي سي” عن التلفيزيون المصري أن الأخير يمارس عمله بغباء شديد ومكشوف بطبيعة عمل “الموظف العام” وليس طبيعة احترافية القطاع الخاص.

تحجيم الجزيرة مباشر مصر له شقين أولها : انتقامي مما فعلته في يناير ، ثانيها: تحجيم دوائر تأثيرها في المخطط الذي كان يعد له العسكر.

5- الزج بالثوار للجوء للعنف لتشويه صورتهم

كما اشرنا سابقا عناصر الامن في الميدان احد أهدفها ارسال رسائل شحن “انتقامية”. اللجان الإليكترونية بتسخن الناس عشان تهجم على بيوت قادة العسكري، تمثيلية منشية جديدة !!؟ يوجد اكثر من أكونت مزور لنوارة احدهم كان بيقترح تحرير علاء عبدالفتاح بأنفسنا !، فاهمين هما بيدفعوا لإيه ؟؟ مخطط اسقاط الدولة موجود فــعلا !!ـ، لكن اللي بينفذه فعليا هو “الجيش” مش حد

تاني ، حين تسقط الدول يتولى ادارتها جيوش ، وهذا ما يريدونه.

6- الآيادي الخفية

قالك الأناركيين عندهم مخطط لحرق مصر ، ياعم هما الأناركيين كام واحد أساسا في مصر. تصعيد وتضخيم الهجمة الاعلامية ضد “الاناركيين” هدفه اشعار الناس ان فيه عدو للبلد خطير واسمه غريب. الناس بتعشق الكلام عن الايادي الخفية والقصص الخيالية عن عبدة الشيطان وخطر البهائية!! و أخيرا مسألة الأناركية، أهي لقمة لإشغال الرأي العام. يعني نص مصر بتتكلم عن خطر الشيعة وانهم اخطر من اليهود!! بس عمري ما شفت واحد عارف خطر “عسكرة الدولة” مع ان الأخيرة هي الخطر المباشر عليه

5- ميدان العباسية

بالنسبة للأعداد الكبيرة في الميدان يوم الجمعة .. مش هيقدر(العسكر) يخترق التجمعات الكبيرة بالتحريات ، هو هيعمل ميدان تاني اسمه عباسيه. لاحــظوا انهم في كل مرة بيفتعلوا فيها حدث بيطلعوا بدعوات لمليونية عباسية، وده هو الهدف من المخطط انقسام مجتمعي يتمترس خلفه العسكر واستفتاء. مهمة المجلس العسكري هو أن يحول ميدان “العباسية” لميدان “حقيقي” وليس مجرد ميدان مفتعل وحرق التحريرخشية تكرار أي حالة احتجاجية واسعة ، وأن يكون الإنقسام حقيقيا عميقا ليحفظ له وجوده لمدة أطول .

المجلس عاوز يطرح مسألة بقاءه للنقاش المجتمعي ويحصل عليها استقطاب لأنه في الطبيعي كان الكل متفق على رحيله والخلاف على التوقيت. الرأي العام ليس ثابت بل يمكن تصنيعه ، والحاصل الآن هو تخليق واقع على الأرض لتصنيع رأي عام ينبني عليه موقف سياسي وتحرك ما. رحيل المجلس العسكري أمر محسوم ومفروغ منه ، بإفتعال المشهد الحالي يريد (العسكر) أن يجعل رحيله أمر غير محسوم وغير مفروغ منه ومطروح للنقاش المجتمعي. العسكر بيشيلوا الناس برا التحرير على دماغهم، وجوا التحرير تحت رجليهم هو ليه هدف م الرسالتين وخطة. العسكر بيحاولوا يصوروا لنا إن العسكر يساوي الدولة ، عشان يصدر أن التصعيد ضد العسكر هو ضد الدولة فيضمن حشد حقيقي غير مفتعل للعباسية.

تابعوا رسالة التلفيزيون المصري جيدا جدا .. اقرأوا ما بين السطور بقوة. التلفزيون المصري يؤكد أن المجلس العسكري يرغب بقوة في دعم الانقسام وتعميقه و إثباته كواقع يحترم كلا الرأيين وكلا الميدانين للدفع نحو ماذا؟

في محمد محمود تم الشحن قبل المليونية بخمسة أيام ، وقبل مليونية اليوم (الجمعة 23 ديسمبر) تم شحن الشارع قبلها بخمس أيام. كلا الحالتين تم الشحن لهما بالعنف الذي بدأت به السلطة. أي مراقب للاحداث لن يجد تفسيرا منطقيا غير أن الجيش لو أراد أن يمنع اتساع دائرة المواجهة لمنعها لكنه يرغب في ذلك بشكل واضح ويوظف ذلك بشكل ما. وينتهي المشهد ببروز ميدانين منقسمين حول بقاء العسكر ، ثم تأتي بيانات السلطة لتؤكد حق الجميع ف التظاهر ، وفض الخلاف باللجوء إلى الصندوق. المجلس العسكري صنع الخلاف من “اللاخلاف” ده نموذج لتصنيع الانقسام في المجتمعات غير المنقسمة بالأساس ، وده بيكون انقسام آمن للسلطة وتحت التحكم. تصعيد الجيش وإجبار الناس على رفع سقف مطالبهم كل فترة، ثم تقديم فكرة انقسام مصر مابين مع وضد ، كلها تهيئة لفكرة واحدة هي الاستفتاء على البقاء.

6- توريط الجيش كمؤسسة

دوما المستبد بيحب يورط “الجيش” في الدم عشان يتمترس الجيش حول المستبد لأن مصيرهم هيبقى واحد لا الشعب وده اللي حصل في سوريا وده شكله بيحصل هنا. ودي حاجة في سياسة المستبدين ، وأدبياتهم انهم يورطوا كل من حولهم في الدم ، لأجل أن يكون مصيرهم مرتبط ببعضهم. فأنا خايف ان يكون ده مخطط ممنهج لتلويث يد الجيش بدم المصريين وربط مصير القيادات الصغرى بالقيادات الكبرى ليشكلوا منظومة مصير واحدة.

وده يفسر استخدام المظلات و ليس الشرطة العسكرية هذه المرة.

شوفوا يا شباب !!أوعو تكونوا “دون كيشوت” جديد ، حددوا أولوياتكم كويس ومتكونوش رد فعل ، وإن لم تخططوا لأنفسكم ستكونوا جزء من مخططات الآخرين.

 

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى