مقالات

هدير هشام |تكتب :كل عام وأنتِ بخير يا جنتي

 

هشام

جاء يوم عيد الأم وأحببت أن أكتب عن هذا اليوم المجيد في حياة أمهاتنا، ولكن من الصعب الاكتفاء بيوم واحد للاحتفال بيه أو لإظهار حبنا لهم، بل يجب أن يستمر تقديرنا لهم طوال أيام السنة فهل هناك أغلى من الأم؟.

فأدين لكي يا أمي بالكثير فقد تعلمت منك ومازلت أتعلم ولا أكف عن ذكر الأشياء التي تعلمتها منك فتنصحيني دائماً وتنبهيني عند الخطأ وتتحدثين معي عن الأخلاق وحسن التعامل  والتسامح ولم أسمعك يوماً تتحدثين على أحداً بالسوء، وتكتفين بالصمت في الكثير من المواقف ليس من باب السلبية ولكن لتوجهين رسالة لي معينة عند الخطأ .

أفتخر بك ياأمي رغم بساطتك في كل شئ فأنتي لم تنالي القسط الذي تستحقينه من التعليم ولكنك كنتي خير معلمة ومربية لي ولأخواتي، فأنتي ربة بيت رائعة ومعلمة عظيمة يشهد لها الجميع .

تكريم الله للأم

فقد كرم الله سبحانه وتعالى الأم في القرآن الكريم وذكر أنها سبب في الوجود فقال تعالى: «ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن»، كما وصفها الرسول صلَّى الله عليه وسلم بأن تكون أولى الناس بحسن الصحبة وفي مقدمة على الأب.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال أبوك.

فيوماً واحد لا يكفي لشكر الأم التي أنجبت وسهرت الليالي وقامت بتعليم ورعاية أبنائها وأصبحت لديها القدرة على تحمل نفقة أسرة كاملة وتحمل تكاليف المعيشة من مأكل ومسكن وتعليم عند وفاة زوجها أو تخليه عن المسؤولية الكاملة للأم لتتحملها وحدها .

فرحة الأبناء بعيد الأم

وفي صغري  كنت أشعر بالشغف والإثارة والفرح عندما أقوم بفتح حصالتي قبل عيد الأم بأيام وأعد مااستطعت أن «أحوشه» منذ شهور لذلك اليوم لكي استطع أن اشتري هدية لها وما يليق بخيالي الذى يريد أن يشترى العالم لـ «ماما» .

ومن أجل تلك اللحظة التي تتعلق عينيا بعينيها التي تملؤها الفرحة والسعادة وعندما أرها تشعرني بأنني أملك الدنيا وما فيها .

فتاوى تحرم الاحتفال بعيد الأم

وقد سمعت في التلفزيون بعض شيوخ الفتاوى الذين يحرمون الاحتفال بالأم وتخصيص يوماً لها نقدم  فيه الشكر ونعبر عن الامتنان على ما صنعته لأبنائها منذ الميلاد ،ويقولون إنها بدعة «وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار».

فعيد الأم مجرد مناسبة لنقول لأمهاتنا شكراً وبالطبع هو لا يكون شركاً ولا كفراً ولا تطاولاً على الله ،لكن هناك بعض الذين يسقطون في فخ الشكل ولايؤمنون باتساع الرؤية وينزعجون من أي محاولة للخروج من ذلك الإطار،لذا يحرمون طوال الوقت كل ما نفعله فى هذه الحياة.

الإسلام يدعو إلى تكريم الأم

 فاحتفى الإسلام بالأم فى قصة السيدة مريم رمز كل الأمهات التى كرمها القرآن الكريم وجعلها فوق كل العالمين، وكذلك فى قصة والدة النبي موسى عليه السلام ،وأما رسول الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أعطى أبلغ مثال لاحترام المرأة وتقديرها فى تعامله مع آل بيته من النساء لذلك الجنة تحت أقدام الأمهات .

وكما  قال الشاعر الكبير شوقى «الأم مدرسة اذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق» وإذا حاولنا أن ندمر أمة أياً كانت فعلينا تدمير أمهات هذه الأمة فهذا هو السلاح القاتل الفتاك.

فالأم هى التى تبنى وتحارب من أجل أبنائها من أجل أن يصبحوا رجالاً ونساءً صالحين، فلايعد شركاً ولا كفراً ولا تطاولاً على الله عندما نحاول أن نسعد أمهاتنا حتى لو يوماً تقديراً لهم .

فرح ومأساه في يوم الأم

وأجد أن الهدف وراء عيد الأم هو إسعاد كل أم وتذكير الأولاد بدورها والحرص على احضار هدية لها، وكثير من الأمهات لا يأخذن هدايا من أولادهن إلا فى هذا اليوم.

ومن ناحية أخرى يعداً عيد قاسياً جداً على من فقدوا أمهاتهم ….فكل من أعرفه ممن فقد أمه يكون حزيناً جداً فى مثل هذا اليوم ويشعر بأن العالم كله متآمراً عليه لزيادة حزنه.

فأغنية «ست الحبايب» ل«فايزة أحمد» التى تجدها تصدح فى كل القنوات الفضائية وحدها قادرة على تقليب الأحزان والمواجع في قلوب من فقد أمه، ويحاول الفرار منها ولكن يجدها فى انتظاره فى مكان آخر.

وتجد الأمهات اللاتى فقدن أبناءهن يشعرن بنار الفقد والحرمان من تلك اللحظات الجميلة التي تشعر بها الأم مع أبنائها، والسيدات اللاتى لم ينجبن بعد يشعرن بغصة الألم والقهر داخل النفس وهو أقوى من أي مشاعر أخرى تتسارع بداخل المرأة .

شكراً يا أمي

وأخيراً يوم واحد لا يكفي لأقدم  فيه الشكر لأمي التي تعني لي الحياة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ جميلة ودافئة.

أمي هي التي تجري الجنة من تحت قدميها لما بذلته من جهد وتعب لغرس القيم والمبادئ بداخلي، هي من كانت ومازالت تقودني وتشجعني دومًا لتحقيق طموحاتي وإعطائي القوة للتغلب على الصعاب.

فأنا أدين لها بالكثير ولا يكفي العمر كله لتسديد جزء من هذا الدين،ولا استطيع أن أرد إليها الجميل ولا يكفي أن أقدم لها شكري في يوماً واحد ولكن على الأقل في 365 يومًا .

فأدعو  الله دائما أن تظل بخير وأن يطيل الله في عمرها، ولو كان الأمر بيدى يا أمى لأهديتك عمراً لا ينتهى وصحة لا تعرف سقماً ورزقاً لا يتبدد وأملاً لاينفذ فبك تكتمل سعادتي وتضئ حياتي حفظك الله لي ياجنتي .

زر الذهاب إلى الأعلى