أسعار وعملات

5 دول خاضت تجارب لتعويم العملة الوطنية خلال العامين الماضيين

%d8%b5%d8%b1-%d9%84%d9%8a%d8%b3%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%88%d9%84%d9%89-%d8%ae%d9%85%d8%b3-%d8%aa%d8%ac%d8%a7%d8%b1%d8%a8-%d9%84%d8%aa%d8%b9%d9%88%d9%8a%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d9%85

المركزى مؤخرًا لخفض قيمة الجنيه بنسبة 48%، ليسجل الدولار 13 جنيها في السوق الرسمية بالبنوك، مع السماح بتحركه في هامش بنسبة 10% ارتفاعًا وانخفاضًا، لتستيقظ البلاد على واقع جديد تمامًا، يُدعى «تعويم الجنيه المصرى – Float the Egyptian pound،» بعدما تم تُرك وحيدًا ليواجه مصيره، ويتقلب بحرية في السوق، وتحدد قيمته وفقًا لآليات العرض والطلب، في خطوة تعني في نظر البعض مزيدًا من التراجع المتوقع في قيمته، لكنها على الأقل تضمن الحفاظ على احتياطي النقد الوطني، دون خسارة الأثنين معًا.

والآن وبعد أن تغلب صوت العقل على الأمور، نستعرض تقرير موقع Bloomberg عن خمس تجارب لـ دول اتخذت قرار تعويم العملة حديثًا خلال آخر عامين، لمُقارعة هيمنة الدولار على العملة الوطنية المحلية.

تعويم الروبل الروسي، نوفمبر 2014م

الروبل الروسي

نبدأ مع الروبل الروسي والذي كان قد خسر حوالي 45% من قيمته الاقتصادية أمام الدولار، منذ نشوب الأزمة الأوكرانية، كـ نتيجة لغضب واشنطن وبروكسل من المواقف الروسية، وفرض العقوبات الاقتصادية عليها، وحرب النفط التي أشعلتها الولايات المتحدة الأمريكية ضدها، واستمرار نزوح رؤوس الأموال، وقيام وكالة موديز العالمية بتخفيض التصنيف الائتماني، فضلًا عن انخفاض أسعار النفط عالميًا إلى مستويات قياسية، مما خلق ضغوطًا على العملة الوطنية الروسية.

ولسوء الحظ بالنسبة لموسكو، تترأس مشكلة العملة مجموعة من المشاكل المالية الأخرى، وخاصة مشكلة العجز في الميزانية الذي تضخم إلى أعلى مستوياته منذ العام 2010م، في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية.

وفي مواجهة تفاقُم أزمة الروبل الروسي، أعلنت إلفيرا نابيولينا رئيسة البنك المركزي الروسي في نوفمبر 2014م، إلغاء الرقابة اليومية على قيمة الروبل، بما يسمح لها بالتداول بحرية وفقًا لآليات العرض والطلب، لوقف نزيف سعر صرفه.

وبالرغم من ذلك، تعاني روسيا منذ أكثر من عامين من أزمة اقتصادية؛ بسبب التفاوت الاجتماعي، وتآكل الطبقة الوسطى، ولا يزال الروبل -الذي عاود الارتفاع هذا العام – منخفضًا بنسبة 32% ويُعانى التذبذب منذ ذلك الحين، فيما فقد الروس الاهتمام بتقلبات العملة، واحتفظوا بـ 60% من مدخراتهم بالعملة المحلية في حسابات بنكية، ولكن كـ نتيجة للتعويم تراجعت مُعدلات التضخم، وانخفض صافي تدفُقات رأس المال، والحفاظ على الاحتياطي النقدي الروسي.

تعويم التنج الكازاخستاني، أغسطس 2015م

التنج الكازاخستاني

وفى بداية الثٌلث الأخير من أغسطس لعام 2015م، قرر صُنَّاع القرار في كازاجستان إتباع سياسة نقدية جديدة، تقوم على استهداف التضخم، والتخلي عن ربط عملتها المحلية بالدولار، وتعويم سعر صرف العملة المحلية؛ لمُجاراة النموذج الاقتصادى لـ روسيا والصين، جاراتيها وأكبر شُركائها التجاريين، لضمان التوازن بين النمو الاقتصادى واستقرار الأسعار، وكذلك تفاديًا لتبديد احتياطيات البلاد.

وكانت كازاخستان تسعى، عبر هذا القرار، إلى تحقيق نوع من التنافسية لاقتصادها، لكن تخفيض قيمة العملة يولد تخفيضًا آخر بواقع الحال، ومن ثم، أدت إلى انخفاض التينج الكازاخستاني بنحو 24% من قيمته في مواجهة الدولار، ودفعت هذه الخسارة بالبنك المركزي الكازاخستاني إلى السماح لقوى السوق بتحديد قيمة التينج.

وكأولى التداعيات، هرع سكان كازخستان إلى البنوك التجارية ومكاتب الصرافة لشراء الدولار، الأمر الذي أدى إلى تراجع لحظي لقيمة العملة الوطنية بنحو 26%، فـ بلغ متوسط سعر بيعها 258 تينغ للدولار الواحد، وهو أعلى بـ 60 تينغ عن سعر صرف العملة قُبيل أيام من قرار التعويم، ليصبح أكثر عملات العالم تقلبًا، وخسر المستثمرون في كازاخستان في يوم واحد ما يزيد عن خُمسَ ودائعهم، مما أجبر البنك المركزى الكازاخستاني لإنفاق 6% من الاحتياطي النقدي، بما يُعادل 1.7 مليار دولار لتقليل الفارق السعري، حيث انخفض لنحو 42% منذ ذلك الحين.

وبعدها بعام واحد استقر التنج، وارتفع الاحتياطي النقدى من العملات الأجنبية بحوالي 13% لـ 31 مليار دولار.

تعويم البيزو الأرجنتيني، ديسمبر 2015م

البيزو الأرجنتيني

وبالنظر لتجربة الأرجنتين، نجد أنه في 17 ديسمبر 2015م، تم رفع القيود عن أسعار الصرف التي فرضت في 2011م، واتخاذ قرار تحرير سعر صرف البيزو الأرجنتيني، وذلك كـ جُزء من برنامج الإصلاح الاقتصادي، والذي استهدف جذب مزيد من الاستثمار، ودفع عجلة النمو الاقتصادي.

انهار البيزو الأرجنتيني أمام الدولار بنسبة 27% غداة قرار التعويم، فـ بلغ سعر الصرف 15 بيزو للدولار، بعد أن كان الدولار يساوى أقل من عشرة 10 بيزوات قُبيلها بيوم واحد، حيث انخفض سعره من أقل مستوى رسمى له وهو 9.83 بيزو لكل دولار، ليصل إلى ما يقرب من سعره في السوق السوداء، والذي يتراوح بين 13.5 و15 بيزو لكل دولار.

ولكن نجحت خطة تحرير سعر الصرف، فـ تراجع التباطؤ منذ ذلك الحين، قلّ التعامل ضمن نطاق السوق السوداء للعملة، وظهرت إشارات على تراجع التضخم أيضًا، وانخفض تذبذب البيزو خلال ثلاثة أشهر، ليصبح ضمن أقل المعدلات في أمريكا اللاتينية.

تعويم المانات الأذربيجانية، ديسمبر 2015م

المانات الأذربيجانية

إثر انهيار أسعار النفط، استخدام البنك المركزي الأذربيجانى أكثر من ثلثي الاحتياطي النقدي لدعم المانات العملة الأذربيجانية، ما أدى إلى زعزعة اقتصاد هذا البلد الغني بالموارد النفطية، وقيام تظاهرات احتجاج على تدهور الوضع الاقتصادي، وارتفعت أسعار السلع بنسبة 4.4% خلال شهر ديسمبر، في حين أن العملة الوطنية خسرت أكثر من 32% من قيمتها خلال الشهر نفسه.

مما أجبر واضعي السياسات لاتخاذ قرار تخفيض المانات الأذربيجانية في 21 ديسمبر2015م، فانخفضت العملة منذ ذلك التاريخ بنسبة 39%، فـ تدخلت السلطات لدعم العملة المحلية في سبتمبر بعد أن انخفضت لمدة ثلاثة أشهر، مما اضطر البنوك لوقف أو الحد من مبيعاتها من الدولارات.

بينما لجأ 80% من الأفراد للاحتفاظ بالمدخرات بحسابات بنكية بالدولار وليس بالعملة المحلية، مما يعكس فشل أذربيجان في استعادة ثقة الشعب بعد تخفيض قيمة العملة، بشكل حاد خلال العام الماضي، مما أدى لزعزعة الأسس السياسية في أذربيجان، وأجبرتها على إعادة النظر في سياساتها الاقتصادية والخارجية.

تعويم النيرة النيجيرية، يونيو 2015م

النيرة النيجيرية

وأخيرًا بـ 20 يونيو 2015م، خفضت نيجيريا قيمة عملتها المحلية، بعدما قادت هيمنة العملات الأجنبية في البلاد إلى هجمات مضاربة على النيرة النيجيرية، فقد كان يتم التداول بها في السوق السوداء بنسبة 50% أقل من سعرها الرسمي، قبل أن يتم تخفيض العملة بنسبة 30%، في ظل نقص حاد في إحتياطيات النقد الأجنبي على أثر هبوط أسعار النفط، وهو ما أجبر البنك المركزي على تغيير سياسته النقدية بعد أشهر من محاولات مواجهة الأزمة.

ولم تؤت هذه الخطوة أكلها كثيرًا، حيث فقدت منذ ذلك اليوم 38% من قيمتها، ولم يتم جذب المستثمرين، الذين بدورهم انتقدوا البنك المركزي النيجيري، والذي قام بتحكم جزئي في سعر الصرف، حيث كان التداول يتم في نطاق ضيق حول 315 نيرة مقابل الدولار منذ أغسطس من نفس العام، ولا تزال العملة المحلية يتم تداولها بتراجع يبلغ نسبته 20% في السوق السوداء، وقد دخل الاقتصاد النيجيري كما أعلن رسميًا بـ سبتمبر 2016م مرحلة الركود.

ونتيجة هذا الركود، تراجع سعر صرف النيرة النيجيرية أمام الدولار، وارتفع معدل التضخم إلى 17% في يوليو الماضى، وتراجعت الاستثمارات الأجنبية إلى أدنى مستوياتها، ومازالت العملة النيجيرية تباع في السوق السوداء بسعر يقل بحوالي 20% عن السعر الرسمي.

وكانت روشتة صندوق النقد الدولي حول شروطه للاستجابة للطلب المصري، بالحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار من الصندوق، خلال السنوات الثلاث المقبلة، قد شددت على ضرورة عدم وجود سعرين للدولار، حتى تكون هناك سهولة في دخول الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وخروج أرباحها بالدولار، وذلك بعدما سيطرت حالة العشوائية والارتباك على السوق السوداء للدولار، وتداول أكثر من سعر لشراء وبيع العملة الأمريكية، مما استدعى التدخل السريع لتحرير سعر الصرف…

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى