منوعات

أسباب تجعل المرحلة الثانوية مجرد مرحلة… فلا تجعلها أزمة حياتك

%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8

في أغلب الدول العربية، يعتبر العام الذي سيتقدم فيه أحد الأولاد أو البنات في العائلة إلى الشهادة الثانوية عام استنفار كامل وإعلان حالة طوارئ في المنزل ويتم فيه سنّ الكثير من القوانين الخاصة التي تشمل غالباً كل أفراد المنزل من لهم علاقة بهذا ومن ليس لهم علاقة به فيمنع تبادل الزيارات إلا للضرورة القصوى مع العائلة، ويصبح الخروج خارج المنزل للتنزه أو الترويح عن النفس مجرد حلم يراود الطالب والحديث على الهاتف ممنوع وتُسحب الجوالات غالباً وينقل التلفاز إلى غرفة الوالدين وغيرها من القوانين.

ويمر العام ثقيلاً على الطالب وجميع أفراد عائلته لايسمع فيه إلا عبارات على غرار: (هي سنة تحدد مصيرك، لو ما جمعت مجموع جيد لن يكون لك مستقبل، لا يكفي ما تدرسه لتدخل الجامعة، إذا لم تدخل الجامعة فلن تكون ذو قيمة في المجتمع… إلخ) من هذه العبارات التي تضع الطالب تحت عبء إضافي غير عبء المواد الضخمة والمنهاج الكبير الذي عليه أن يدرسه ويفهمه ويحفظه ويشعر أنه حين يحصل على شهادة الثانوية العامة سيحمل بيده مفتاح النجاح والصعود نحو القمة.

%d8%a3%d8%b2%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b0%d8%a7%d9%83%d8%b1%d8%a9

ولكن للأسف… بعد انتهاء الامتحانات وظهور النتائج وبين شاعر بالظلم وراضٍ بما حققه يجد أنه وبكل ما بذل من مجهود عظيم لم يحصل سوى على شهادة ثانوية لا تؤهله ليعمل عملاً (عليه القدر والقيمة) وعليه من جديد أن يكافح ليدخل الجامعة ويدرس فيها سنوات عجاف ثم يتخرج وهو مازال غير قادر على البدء بحياته العملية.

الحقيقة، نعم هذا هو الواقع ولا نملك منه مفراً للأسف… ولكن من قال إن نتائج الثانوية تحدد مصير الإنسان وحياته كلها؟ هي مجرد مرحلة على مفترقات الطرق التي نعيشها ونقضي حياتنا نختار منها فإن وجدنا أنفسنا في طريق ما لظروف قد تكون قاهرة، فهذا لا يعني أن الخيارات انتهت أمامنا ولم يعد أمامنا منعطفات أخرى… سأحاول هنا أن أخبركم عن أسباب تجعل من الشهادة الثانوية مرحلة مهمة في حياتنا ولكن لا تحدد مستقبلنا بشكل نهائي:

1- لم تعد الجامعات الحكومية التي تطلب معدلات عالية هي ملجأ الدراسة الوحيد للطالب

يمكن القول بأن الجامعات الحكومية في الدول العربية رغم أفضلية الشهادات التي تمنحها في الدولة نفسها، لم تعد هي الوحيدة التي يمكن للطالب أن يكمل دراسته العليا فيها وصارت الجامعات الخاصة والمعاهد العليا الخاصة كثيرة ومتنوعة الاختصاصات والمستويات.

%d9%85%d8%af%d8%b1%d8%ac%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%a7%d9%85%d8%b9%d8%a9

الجامعة من أهم المراحل في حياة الطالب والشهادة التي يحصل عليها ستساعده كثيراً في ارتقاء سلم النجاح في العمل وحين معرفة هدفه الذي يريده والمكانة المهنية التي يرغب في الوصول إليها سيكون من الأسهل عليه اختيار الفرع الذي يناسبه والدراسة بما يكفي ليصل إلى المجموع الذي يحقق له دخول هذا الفرع أو دراسة الاختيارات الأخرى من السفر والانتساب إلى جامعة خاصة.

2- الدراسة على الإنترنت

كثير من المواقع العربية ظهرت مؤخراً كمنصات دراسية مثل (رواق) وغيرها تمنح كورسات مجانية على الانترنت لمحاضرين معروفين ومختصين في مجالات كثيرة بإشراف جامعات مهمة وعالمية في الكثير من المجالات (البرمجة – اللغات – العلوم الإنسانية – العلوم والكيمياء) وإذا كانت الظروف الحياتية لم تسمح للطالب بالحصول على النتائج التي يرغب بها ودخول الفرع الذي يريده لديه فرصة أخرى من خلال الكورسات أون لاين والتي تمنح شهادة معترف فيها.

%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%b1%d8%a7%d8%b3%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%86%d8%aa%d8%b1%d9%86%d8%aa

يمكن دراسة هذه الكورسات إضافة للدراسة الجامعية النظامية وتطوير مهارات الطالب إن اختار نفس المجال الذي يدرسه أو توسيع ثقافته المعرفية والتعرف على علوم أخرى يرغب في تعلمها وتفيده في حياته العملية.

3- النجاح ليس مرتبطاً بشهاداتك

ربما صار من الممل عرض كبار رجال الأعمال والأغنياء والمشاهير في العالم الذين لا يحملون شهادة جامعية ابتداء من بيل جيتس ومارك زوكربيرغ وانتهاء بميسي، لكن في التذكرة فائدة، لكن أؤكد أني لا أقلل هنا من أهمية الشهادة الجامعية لأننا في عصر العلم والشهادات ولا يمكن لأي شخص أن ينجح في حياته دون شهادته الجامعية لأنه وربما للأسف لا أحد يقيم وزناً لشخص بلا شهادة.

مع ذلك الحياة لا تتوقف هنا والثانوية إن لم تتح لك دخول جامعة (قمة) كما يسميها الكثيرون مثل الطب والهندسة والإدارة، لكن لا بأس بكلية إعلام أو فرع من فروع الآداب أو دراسة معهد تقني والتفوق فيه… ما جعل هؤلاء ينجحون ليس لأنهم لم يدرسوا في الجامعة حتماً ولكن لأنهم بذلوا مجهوداً مضاعفاً وطوروا أنفسهم واكتسبوا العلوم التي يحتاجونها بمجهودهم الخاص دون أن ينتظروا أحداً ليعطيهم المعلومة.

%d8%b3%d9%84%d9%85-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%ac%d8%a7%d8%ad

ليس النجاح حكراً على المهندس والطبيب ورجل الأعمال، مفهوم النجاح أوسع من هذا وأشمل بكثير.

4- الجامعة لا تكفي لتؤهلك للنجاح في الحياة العملية

في عالمنا العربي بالذات لا أعرف جامعة تخرّج طلاباً مؤهلين فوراً للدخول إلى سوق العمل والالتحاق بوظائف تتناسب وشهادتهم التي حصلوا عليها، مهما كان الفرع الذي سيدرسه الطالب ابتداء من الطب إلى المعهد المهني سيحتاج الطالب بعد التخرج إلى فترة طويلة من التدريب وحضور كورسات تدريبية عملية وربما يضطر للعمل بشكل مجاني ليتعرف على طريقة تطبيق العلوم النظرية التي تعلمها في الجامعة.

الجامعة مهمة لأنها تشكل أرضية صلبة للطالب وتمنحه وثيقة دخول إلى سوق العمل، لكنها للأسف لا تكفي وحدها… أعيد ما قلت في الفقرة السابقة، النجاح يتطلب كثيراً من الجهد الشخصي والعمل على تطوير المهارات والتعب والتدريب لتصبح مميزاً في عملك حتى لو كان مجرد تقديم الشاي والقهوة في مكان ما.

كما ترى… الشهادة الثانوية مجرد مفرق طرق في الحياة التي نعيشها يليها الكثير من الخيارات ومفترقات الطرق التي وحدنا نتحمل مسؤولية اختيارها، وكلما كنا أكثر معرفة بالنهاية التي نرغب في الوصول إليها استطعنا أن نحسن اختيار الطريق الذي سنسلكه.

زر الذهاب إلى الأعلى