منوعات

رئيس وزراء كندا العاشق للسيلفي كيف يرضي اللاجئين السوريين والسكان الأصليين ونشطاء البيئة؟

Justin Trudeau, Canada's prime minister, speaks during an event hosted by the Canadian Chamber of Commerce in Hong Kong, China, on Tuesday, Sept. 6, 2016. Trudeau said he doesn't believe human rights issues need to be traded off against economic interests. Photographer: Justin Chin/Bloomberg via Getty Images

كان الحشد متحمساً، بينما يزيده جاستين ترودو حماسةً وانبهاراً. بدا وكأنه لم يترك يداً دون مصافحتها في صالة المؤتمرات بينما تجمعت حبات العرق على جبهته. حتى وسط ما كان يمكن أن يصبح حشداً عدائياً، انتشرت الطاقة والحماسة بشكل جلي.

هذه هي كيفية سير الأمور حين يكون رئيس الوزراء الكندي نجم الشبكات الاجتماعية في شهر عسل سياسي، وهو ما لم ينحسر، بل تعاظم مع وصول ترودو وحزبه الليبرالي إلى السلطة في الانتخابات العامة التي أُجريت في خريف 2015.

إلا أنه بعد مرور 10 أشهر على شغله لمنصبه، يسعى ترودو للتركيز على الإمساك بزمام السلطة الشائكة لا الصيت فقط، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

 

المنافسون يحبونه

 

أظهرت استطلاعات الرأي استمرار تزايد الدعم له، حتى في الأوساط المؤيدة عادةً لأحد حزبي كندا الرئيسيين الآخرين.

وأشار مركز “نانوس” في أحدث استطلاعاته إلى موافقة 73% من المشاركين على أن ترودو يمتلك مقومات الزعيم السياسي الجيد.

ويبدو أن هذا ما اعتقده المندوبون في صالة المؤتمرات أيضاً، على الرغم من انتمائهم لليونيفور، وهو أكبر اتحاد عمالي في القطاع الخاص. وكان الحزب الديمقراطي الجديد، منافس يسار الوسط الرئيسي لليبراليين، قد تأسس بمساعدة الاتحادات العمالية التي سبقت اليونيفور.

قالت أنيتا مورجان، إحدى أعضاء اليونيفور، “أنا أحبه. إنه يفكر في المستقبل دائماً”.

كما أضافت صديقتها نيكول بيرد “وهو مساند للعمال، إنه مستعد للحديث معنا”.

 

رئيس وزراء السيلفي

 

ومع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لتوليه المنصب، يحاول ترودو ببراعة إعادة صياغة دوره والدور الذي يقوم به حزبه.

ويرى المحللون أنه في الأشهر المقبلة سيكون عليه إثبات أنه ليس مجرد الصيحة الأحدث على يوتيوب، وإنما هو رأس الحكومة القادر على تنفيذ القائمة الطويلة –والطموحة غالباً- من الوعود الانتخابية.

إصراره على التشاور مع العامة قبل اتخاذ القرارات الكبرى -في تناقض صارخ مع الحزب المحافظ الذي أطاح ترودو به – وفر له المزيد من الوقت في بعض القضايا الشائكة. بالإضافة إلى حالة الفوضى وفراغ القيادة التي يشهدها كل من الحزبين المعارضين الرئيسيين، لكن هذا لن يستمر للأبد.

يرى ألكس مارلاند، الأستاذ المشارك للعلوم السياسية في جامعة ميموريال – نيوفاوندلاند، “إنه يحمل كل شيء على عاتقه في الوقت الراهن”.

وأضاف “أشعر أنه يحاول الابتعاد عن كونه رئيس وزراء “السيلفي”، وما تشكله هذه الصورة من خطر حين لا يراك الناس إلا كشخص مشهور. إذا أراد أن يعتقد الناس أنه شخص ذكي ومفكر، فسيكون عليه الاستمرار في الإتيان بأشياء جديدة”.

وكان هذا هو المحور الذي ارتكز عليه ترودو إبان الاجتماعات التي عقدها مع وزرائه وكتلته البرلمانية في نهاية الصيف، والتي أقام فيها الوزراء في سكن جامعي بدلاً من منتجع فاخر، ولتشوب تصريحاته العلنية بعض الحذر إثر هذه الاجتماعات.

 

توني بلير

 

كما قال في المؤتمر الصحفي الذي انعقد في سدبري بمقاطعة أونتاريو”أمامنا قرارات صعبة وتحديات جمة في كل شيء بدءاً من الموارد الطبيعية ومروراً بالاستثمارات والاتفاقيات التجارية”.

كما استمع وزراء ترودو، أثناء انعقاد الاجتماع، إلى مايكل باربر كبير مستشاري وحدة تحقيق الأهداف في عهد رئاسة توني بلير للوزراء في بريطانيا.

وأفادت الرسالة، التي صرح بها باربر للصحفيين فيما بعد، بأن ما دعاه ترودو “بأيام الليبراليين المشرقة” قد تنتهي قريباً.

وأضاف باربر “في العام الثاني عليك أن تركز بقوة على التنفيذ، وعلى اتخاذ بعض من القرارات الصعبة التي لن تسعد الجميع في نفس الوقت”.

كان ترودو قد تحرك حثيثاً نحو تنفيذ بعض الوعود التي قطعها بعد توليه المنصب مثل استقبال 25 ألف لاجئ سوري.

إلا أنه من المنصف القول بأن “التغيير الأكبر كان في لهجة القيادة وأسلوبها” لا في السياسة، كما أشار نيك نانوس، مدير معهد نانوس البحثي.

الذي أضاف أيضاً أن مسلك ترودو للحكومة كان أقل تحفظاً ومركزية من سلفه المحافظ ستيفن هاربر، وأكثر تماشياً مع القيم الكندية العتيدة في رأي نانوس الذي أشار أيضاً إلى”استمرار فتنته وكياسته”.

بينما قال نورمان هيلمر، أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية في جامعة كارليتون في أوتاوا، أن تصاعد الدعم الشعبي لترودو قد يكون حدثاً غير مسبوق في التاريخ الكندي.

إلا أنه مع ذلك، قد يجد رئيس الوزراء نفسه مُطارداً بعادته في قطع الوعود الصريحة، وهو الأمر الذي تفاداه والده بيير إليوت ترودو إبان رئاسته للوزراء في الستينيات والسبعينيات والثمانينيات.

وأضاف هيلمر “ارتفاع سقف التوقعات لا يسفر إلا عن خيبة أمل حتمية”، وتابع قائلاً “ربما هذا هو الوقت الذي يكتشفون فيه أنهم اختاروا الثمار قريبة المنال”.

 

وعود متضاربة

 

ومع استمرار ولايته، سيكون على ترودو العمل على فرز الوعود المتضاربة والتعامل مع القضايا التي لا تلقى إجماعاً وطنياً واضحاً.

فبينما قال أن التغير المناخي سيكون على رأس أولوياته، وعد أيضاً بمساعدة صناعة النفط والغاز- الضرورية لاقتصاد البلاد والمصدر الرئيسي لانبعاثات الكربون- على النهوض من عثرتها الحالية.

كما تتأجج المشاعر المتعلقة بقضية المناخ، إذ أُجبر المجلس الوطني للطاقة في أغسطس/آب 2016 على إيقاف جلسات الاستماع المتعلقة بخط أنابيب لنقل النفط من رمال ألبرتا النفطية إلى المحيط الأطلنطي بعد الاشتباك بين المحتجين وقوات الشرطة في مونتريال.

كما سيكون على ترودو التعامل مع العلاقات مع السكان الأصليين لكندا والتي تحسنت على الفور بفوزه، بعد التراجع المزري الذي شهدته تحت حكم الحكومة المحافظة السابقة.
إلا أنه سيكون من العسير على أي حكومة حل كل المشكلات والمظالم التي شهدتها هذه المجتمعات عبر السنوات الماضية، خاصة في الوقت الذي تتعارض فيه بعض آرائهم مع آراء باقي الكنديين.
وعلى الرغم من الدعم الشعبي الواسع لخطة ترودو العازمة على إعادة إحياء الاقتصاد عبر الإنفاق الحكومي، إلا أنه سيكون من الصعب العثور على وسيلة دائمة لإنعاش القطاعات الرئيسية، خاصة الصناعات التحويلية.

إلا أنه –إلى الآن- لا يوجد من يعتقد بأن البلاد ستنقلب قريباً على رئيس وزرائها الجديد.

 

فضائح

 

حتى فضائح الحكومة التي ظهرت في عهده، اتسمت بقدر من التفاهة، مثل مطالبة وزير الصحة بدفع 400 دولار لقاء دخوله إلى صالات المطار الخاصة بإير كندا (Air Canda).

وهو ما تناولته صحيفة The Globe and Mail الكندية في افتتاحيتها قائلة “توشك الحكومة على إنفاق حوالي مليار ونصف من الدولارات على الحافلات وخطوط مترو الأنفاق والدراسات المتعلقة بهم، بينما يدور الجدل الحالي حول قدر من المال يساوي 0.0007 بالمئة من هذا المبلغ الضخم؟ هل فقدنا عقولنا؟”.

أما المعارضة فتستمر في حالة من الفوضى مع غياب قيادتها الواضحة، ومع اعتزال هاربر من حزب المحافظين، السياسة، ورفض الديمقراطيين الجدد لزعامة توم مكلير، لم يظهر مرشحون أقوياء لخلافة أي منهما.

قبل انتخابات عام 2015، اقترح بعض اليساريين اندماح الحزب الليبرالي والديمقراطي الجديد لمواجهة المحافظين معاً.

وهو ما فعله الناخبون بالفعل، كما يرى الأستاذ مارلاند من جامعة ميموريال، إذ أشارت بيانات استطلاع الرأي إلى أن معظم مكاسب الليبراليين جاءت على حساب الديمقراطيين الجدد، بينما ظلت قاعدة دعم المحافظين مستقرة.

وأضاف “الحزب الديمقراطي الجديد هو من انشقت الأرض تحت أقدامه بالفعل. وبطريقة ما يبدو أن جاستين ترودو قد نجح في توحيد اليسار”.

 

المصدر 

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى