منوعات

رحلة ناصر مع المرض: جمعته جلسات مع طبيب نفسي دون أن يعرف حقيقته

رحلة ناصر مع المرض جمعته جلسات مع طبيب نفسي دون أن يعرف حقيقته

عاش الرئيس جمال عبدالناصر صراعًا طويلًا مع المرض الذي هاجمه في نهاية عام 1958، حيث كان يجري تحليلًا واكتشف الدكتور أحمد ثروت، الطبيب المرافق للرئيس عبدالناصر،  روتينيًا للبول، إصابة الرئيس بمرض السكري.

وقتها كان عبدالناصر في الأربعين من عمره، وحينها رشح الفريق طبيب رفاعي كامل، رئيس القسم الطبي للقوات الجوية والمسؤول عن متابعة الحالة الصحية للمشير عبدالحكيم عامر، الدكتور أنور المفتي، أستاذ الأمراض الباطنية بالقصر العيني، لمتابعة حالة عبدالناصر، وضبط نسبة السكر في الدم.

بدأ الدكتور «المفتي» في بحث الأسباب التي أدت إلى إصابة الرئيس بمرض السكري، ولم يجد أسبابًا علمية وطبية واضحة، وأرجع الفريق الطبي المعالج للرئيس أسباب المرض إلى الوراثة، بعد اكتشاف أن أحد أعمام عبدالناصر كان مصابًا بمرض السكري، وأن «عبدالناصر» وشقيقه «الليثي» الوحيدين من بين أربعة أخوة أصيبا بالسكري، بحسب ما ذكره الدكتور باسم عادل عبدالصادق، المستشار الإعلامي بالمركز المصري للدراسات والبحوث الإعلامية، في كتابه «زعماء على فراش المرض».

لم تنجح الأقراص المنشطة لغدة البنكرياس في ضبط نسبة السكر في الدم، فمن الثابت علميًا وجود صعوبة في علاج مرض السكري بالأقراص لمن أصيبوا بعد سن الأربعين، فما كان من الدكتور أنور المفتي، إلا باستخدام حقن الأنسولين في محاولة للسيطرة على ارتفاع نسبة السكر في الدم.

كان الدكتور أحمد ثروت يقوم بإعطاء الرئيس عبدالناصر حقنة الأنسولين صباح كل يوم قبل الإفطار، ونجح الدكتور المفتي في ضبط نسبة السكر، وكانت من أهم الملاحظات التي لاحظها على الرئيس الأسبق أنه كان ملتزمًا بتعليمات العلاج، ولم يعان من ضبط نظامه الغذائي، لأن «ناصر» لم يكن بطبيعته نهم أو شره للطعام.

2974125467

كان إفطار الرئيس عبارة عن الفول المدمس والخبز والجبن الأبيض، والغذاء مكون من خضروات وقطعة صغيرة من اللحم إلى جانب الخبز، والعشاء من الجبن الأببض والفاكهة، واستمر الوضع هكذا قرابة العامين، إلى أن جرت أحداث انفصال سوريا عن مصر في 28 سبتمر عام 1961، وترك ذلك آثارا نفسية سيئة لدى عبدالناصر، ساعدت على تذبذب منحنى السكر، وهنا وحسب ما ذكره الدكتور باسم عادل عبدالصادق، المستشار الإعلامي بالمركز المصري للدراسات والبحوث الإعلامية، في كتابه «زعماء على فراش المرض»، فكر المشير عبدالحكيم عامر، في استدعاء طبيب متخصص في الأزمات النفسية من إحدى الدول الأوروبية، ليخرج عبدالناصر من عزلته، حرصًا منه على الرئيس.

وحتى لا يتسرب هذا الخبر، رأى المشير إحضار هذا الطبيب من إحدى الدول الصغيرة التي ليست لها اهتمامات أو قضايا خاصة مع مصر، حتى لا يسهل تتبع هذه الأخبار من قبل أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، ووقع بالفعل الاختيار على طبيب نرويجي، وحسب ما ذكره الدكتور رفاعي كامل، في لقاء صحفي للمؤرخ العسكري جمال حماد، لم يكن يعلم الرئيس عبدالناصر تخصص الطبيب النرويجي.

بعدها تم ترتيب عدة لقاءات بين الطبيب والرئيس، وكتب تقريرًا مفصلًا وطويلًا عن حالته النفسية، ذكر خلاله أنه يتوجب على الرئيس أخذ قسطًا من الراحة، والابتعاد عن ضغوط العمل كفترة نقاهة.

1 62.jpg.crop display

قرأ الدكتور أنور المفتي هذا التقرير، وبحسب المستشار الإعلامي بالمركز المصري للدراسات والبحوث الإعلامية، فقد صرح بمحتوى التقرير لبعض زملائه من الأطباء، ما أدى إلى تسرب أخبار زيارة الطبيب النرويجي، وتفاصيل تقريره، وهو ما كان متعلقًا بالأمن القومي المصري بالطبع.

2013 10 01 00109

بعد 3 أشهر، استدعى الدكتور أحمد ثروت، الدكتور منصور فايز أستاذ الأمراض الباطنية والسكر بالقصر العيني، لمتابعة علاج الرئيس وحالته الصحية، والوقوف على أخبار منحنى مرض السكري، وكان الدكتور منصور يزور الرئيس مرتين أو ثلاثة في الأسبوع، ما لم يتم استدعائه، وبالفعل حدث تنظيم وتطوير في متابعة المرض، وظل الدكتور أحمد ثروت مرافقًا للرئيس بصفة يومية، ويقوم بإعطائه حقنة الأنسولين قبل الإفطار اليومي، ويقوم الدكتور صلاح جبر أخصائي التحاليل الطبية، بعمل تحليل يومي للرئيس لمتابعة تطورات السكري ومضاعفاته عند عبدالناصر، ثم اتفق أن يزور الدكتور ناصح أمين أستاذ التحاليل الطبية المعروف، الرئيس عبدالناصر مرة في الأسبوع، ليقوم بعمل تحليل شامل لوظائف أجهزة الجسم المختلفة، وبذلك تم استقرار الحالة الصحية للرئيس عبدالناصر وأصبح المرض تحت السيطرة الطبية الكاملة.

 

 

المصدر 

زر الذهاب إلى الأعلى