أعمدة

زاهي حواس | يكتب : سمير صبرى.. متى نكرمه؟

2015_7_27_12_9_21_269

رحلة الفنان العظيم سمير صبرى مع الفن رحلة طويلة ومثمرة، قام خلالها بالتمثيل والرقص والغناء وتقديم البرامج التليفزيونية، وكان فى كل ما قدمه من فن وفى أى دور قام به أو أداه متميزاً ومؤثراً وعلامة فارقة.

ويبقى سؤال مهم: متى يعطَى هذا الفنان حقه من التكريم؟ وماذا ننتظر؟! لقد شاهدت لسمير صبرى أدواراً سينمائية لا يستطيع أداءها سوى ممثل محترف من نوعية خاصة نادرة.. انظر إلى دوره فى «دموع صاحبة الجلالة»، و«بالوالدين إحساناً»، و«التوت والنبوت» وغيرها من الأدوار المتميزة التى لا يمكن حصرها ووصل فيها أداؤه إلى العالمية، ولكن يبدو أن الأداء البسيط غير المكلف والذى يجعل المشاهد يشعر بأن الذى أمامه شخصية واقعية وليست لممثل يؤدى دورا فى رواية سينمائية لعل ذلك هو السبب فى إهدار حق فنان بقامة وقيمة سمير صبرى فى التكريم الذى يليق به.

كلمة الفنان الشامل تنطبق على سمير صبرى بمعناها ومفهومها.. أدى اللونين الكوميدى والتراجيدى، وقف أمام عمالقة الفن منذ اليوم الأول لدخوله عالم الفن، والغريب أنه تعامل كنجم قبل أن تصله النجومية، هذه الثقة غير المحدودة لم تكن من فراغ، بل إنها تستند على ثقافة ولغة وإيمان بما يملكه من إمكانيات فنية هائلة.

بدأ سمير صبرى مشواره وهو لا يزال طالباً فى قسم الأدب الإنجليزى بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، وكانت بداياته فى الإذاعة مع لبنى عبدالعزيز، حيث قدما ركن الطفل، بعد ذلك قدمته آمال فهمى لبرنامج «النادى الدولى» بإذاعة الشرق الأوسط، وبالمصادفة وجد سمير صبرى نفسه يعمل مقدماً فى مهرجان التليفزيون الأول، وفوجئ بنفسه يقدم نجوماً عالميين إلى خشبة المسرح، بل يتحاور معهم ويلقى دعاباته كما لو كان صديقاً شخصياً لهؤلاء النجوم! حطم سمير صبرى كل التقاليد ولم يفعل ما هو مطلوب منه فقط! فما كان إلا أن لفت أنظار الناس إليه بلباقته وتمكنه من الإنجليزية.

بعدها قرر عبدالقادر حاتم، وزير الثقافة والإعلام، أن يقدم سمير صبرى برنامج «النادى الدولى» فى التليفزيون المصرى. دخل سمير صبرى فى وقت قصير كل بيت به جهاز تليفزيون، واستطاع أن يبهرنا بمقابلاته مع نجوم السياسة والفن والثقافة، وكان من بين ضيوفه السلطان قابوس، والملكة فريدة، والشيخ زايد آل نهيان، رحمه الله، ومحمد على كلاى.

كان برنامج «النادى الدولى» سبب أول معرفة لى بسمير صبرى، حيث فوجئت به فى أهرامات الجيزة يطلب تسجيل برنامجه من أمام أبوالهول، وكنت فى ذلك الوقت مفتش آثار الهرم.

ورأيت بعينى كيف يهتم سمير صبرى بكل تفصيلة لكى تخرج الحلقة فى أكمل شكل احتراما للمشاهد وللضيف الذى يقدمه للناس. كانت المرة الثانية لى التى أقف فيها أمام كاميرا التليفزيون، ومهما وصفت فلن أستطيع أن أصف الخوف والهلع والحالة البائسة التى كنت عليها، رهبة من فكرة الظهور على شاشة التليفزيون.. نعم كنا نقدر كل عمل نقوم به ويدفعنا خوفنا من الفشل إلى النجاح دائماً.

لا ننسى برنامج «هذا المساء» الذى قدمه سمير صبرى، ولاتزال إلى يومنا هذا تحاول فضائيات كثيرة تقليد البرنامج فى الشكل والمحتوى والمضمون. وإلى وقت قريب كان سمير صبرى يقدم برنامج «ماسبيرو».

وبالطبع هناك أحداث لا يمكن نسيانها، منها تقديمه آخر مقابلة وآخر ظهور لكوكب الشرق أم كلثوم قبل وفاتها، كذلك لا أنسى أن سمير صبرى قدم النجم العالمى الراحل عمر الشريف بعد أن أُصيب بالألزهايمر، واحترمته وقدرته لتقديمه النجم العالمى فى أبهى صورته، محافظاً عليه نجما تعشقه الجماهير.

سمير صبرى فنان عظيم من عائلة عريقة مثقفة، كريم إلى درجة الزهد فيما يملك، أروع ما فيه رعايته للفنانين القدامى واحترامه لفنه وجمهوره.. فارس من فرسان الزمن الجميل.

 

 

المصدر 

زر الذهاب إلى الأعلى