مقالات

سامح المصرى | يكتب : سنة أولى ثورة

12540981_10153179625957583_2463941683296435652_n

قام الشعب المصري في التاريخ الحديث بــ 4 ثورات، هى تلك الثورات المدونة في مراجع التاريخ الحديث، وهى ثورة العرابية عام 1881 ، التي قادها أحمد عرابي ضد الخديوي توفيق، وثورة 19 ، والتي قادها سعد زغلول ضد الاحتلال الإنجليزي عام 1919 ، وثورة يوليو والتي فجرها مجموعة من الضباط الأحرار وانضم إليهم الشعب المصري عام 1952، وذلك ضد حكم الملك فاروق، وثورة 25 يناير التي دعا إليها مجموعة من الشباب وانضم إليهم الشعب المصري عام 2011 ذلك للمطالبة بتحقيق العدل والمساواة تحت شعار عيش حرية عدالة اجتماعية .

تلك الثورات التي عرفها التاريخ ولكن حدث قبل اندلاع الثورات وبعدها ما يمسى بتوابع الثورات ، أو موجة ثورية ، حيث سجل التاريخ المصري يوم 26 يناير عام 1952 اى قبل قيام ثورة يوليو، انتفاضة كانت البداية بتمرد عمال الطيران في مطار ألماظة ( القاهرة ) ثم تمرد داخل البوليس (الشرطة ) في ثكنات العباسية ، ثم تظاهرات من قبل الطلاب بجامعة القاهرة وجامعة الأزهر ، وأمام مبنى رئيس الوزراء، ثم التظاهر أمام قصر عابدين، ثم إشعال النيران في أكثر من 700 مكان حيوي بالقاهرة من بينها محلات وسينما وكازينو وفندق ومكتب وغيرها من الأماكن الحيوية بالقاهرة آنذاك .

سجل التاريخ أيضا يوم 18 يناير عام 1977، انتفاضة او موجة ثانية لثورة يوليو ، حيث انتفض الشعب المصري في ذلك اليوم بتظاهرات جابت شوارع مصر تحت عنوان انتفاضة الخبز أو ثورة الجوع .

سجل التاريخ أيضا توابع أو موجات لثورة 25 يناير ، حيث كان هناك موجة ثانية للثورة يوم السبت الموافق 19 نوفمبر عام 2011 ، وسميت تلك الانتفاضة بأحداث محمد محمود ، والتي كان لها توابع أيضا حيث حدثت أحداث مجلس الوزراء ، واحدث ماسبيرو ، وأحداث الاتحادية، ثم الموجة الثالثة للثورة في 30 يونيو ، والتي طالب فيها الشعب المصري رحيل حكم جماعة الأخوان المسلمين من السلطة .

والجدير بالذكر أن تلك الثورات أفرزت بعض المصطلحات التي كانت جديدة وغير مألوفة على الشعب المصري حيث ولد ومصطلح عميل عقب اندلاع الثورة العربية، حيث ردد البعض مصطلح خائن أثناء ثورة 19، وولد مصطلح انقلاب بعد ثورة 52 ، ثم صدر قاموس من المصطلحات في عقب اندلاع ثورة 25يناير مرور بــ 30 يونيو .. ومنها خائن، عميل، فلول ، طابور خامس ، أمنجي ، عصفورة، مطبلاتي، انقلاب .. وغيرها .

واليوم يحيي جيل ثورة 25 يناير الذكرى الخامسة للثورة، والسؤال هنا هل حققت ثورة يناير أهدافها ؟ هل حصد تلك الجيل الثمار ، هل بذلت أمهات الشهداء ثياب الحداد ؟، المشهد الحالي يقول لا، حيث نشاهد مخالفات دستورية من قبل بعض قادة الرأي وبعض العاملين بالجهاز الحكومي بالدولة، وذلك بسبب عدم اعترافهم بثورة يناير ، نلاحظ اليوم أن رئيس الدولة ومعه الجيش يعترف اعترافاً واضحاً بثورة يناير ، وعلى الجانب الأخر عدم الاعتراف من قبل البعض من أعضاء مجلس النواب، وعدد من كبار رجال الدولة، وبعض قيادات الشرطة الذين يؤكدوا أن يوم 25 يناير هو عيد للشرطة المصرية فقط وليس عيد لثورة يناير .

أما عن الأمر الفاجع في هذا المشهد هو بث شعور الخوف والجبن بين قلوب أبناء الشعب المصري، حيث تم تصوير مشهد يناير بعد العام الخامس على أنها مصدر للموت ، والقتل ، والحرق ، والسجن ، وليس احتفال بثورة عظيمة كان شعارها منذ البداية حتى الآن عيش حرية عدالة اجتماعية.

يقول علماء الاجتماع أن الشعوب التي يزرع بداخلها الإحساس بالخوف، يكون حصاد هذا الإحساس هو التفاخر بالجبن وعدم القدرة على البناء والمواجهة، ولا يستطيع إحداث اى تقدم علمي ، أو اقتصادي، والشعب المصري على مدار العصور الماضية كان أسرع الشعوب التي تستسلم لتلك الذريعة، حيث يتم زرع داخل المواطنين الخوف وحثهم إن الجهات الأمنية والحكومة هى التي تستطيع أن تدبر وتفكر وتصدر الأوامر ، ويكتفي المواطن بالمشاهد فقط ، دون ابداء الرأي أو المشاركة في أمور حياته، وتكون النتيجة هى الاستسلام وعدم المشاركة في التنمية ، أو الأمور السياسية ، أو حتى عدم الدفاع عن الوطن حال الهجوم علية من عدوان خارجي .

وكان للشعب المصري في الماضي أمثلة على ذلك مثلا استسلم الشعب المصري لاحتلال الهكسوس 108 عام ، بينما ظل الاحتلال العثماني في مصر 304 عام ، فيما ظل الاحتلال الإنجليزي لمصر 74 عام ، أيضا اكتفى الشعب المصري بدور الجمهور أثناء الحرب العالمية الأولى والثانية برغم استباحة ارض مصر من قبل جيوش العالم .

التأكيد على هذا الحديث في التاريخ القريب لنا أن نعيد مشاهدة الصور والفيديوهات ونرى فيها الأعداد التي شاركت في ثورة 25 يناير ، والأعداد التي شاركت في الاستفتاء الأول على تعديل دستور 71 عام 2011 ، والأعداد التي شاركت في اختيار برلمان 2012 ، والأعداد التي شاركت في 30 يونيو 2013 والتى كان وضاح فيها المشاركة في المواجهة والتغيير من قبل الشعب المصري الذى زحف إلى الشوارع والميادين بالملايين .

نشاهد أيضا الصور والفيديوهات لمشاركة الشعب المصري في استفتاء دستور 2013، والانتخابات الرئاسية لعام 2014، والانتخابات البرلمانية لعام 2015 ، وإحياء ذكرى 30 يونيو العام الماضي، وإحياء ذكرى ثورة 25 يناير بالأمس، ونقارن بين إقبال المصريين على المشاركة السياسية في المرحلة الأولى من الثورة ، وكيف قلة نسب المشاركة من قبل الشعب المصري في المرحلة الحالية من الثورة .

اختم هذا المقال بمقولة شهيرة قالها المنظر الفرنسي فردريك هاربيسون حيث قال ليس الفقر من الموارد الطبيعية ، وإنما التخلف من الموارد الإنسانية.

الآراء المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأى الشرقية توداى 

 

زر الذهاب إلى الأعلى