مقالات

عبد الغني الحايس | يكتب: حد فاهم جاجة ؟

عبد الغني الحايسكثر الجدل الدائر حول مصير الجزيرتين تيران وصنافير ، على الرغم من أن كثير من المصريين لا يعلم عنهما شيئًا ولم يسمع بهما سوى الآن ، وأنا هنا لا اتحدث عن ملكيتهما لدولة على آخرى ولكن الطريقة التي تتعامل بها الحكومة والسلطة الحاكمة على أننا رعايا وضيوف وليس مواطنيين من حقنا أن نعلم شىء أو أن نستفسر عن شىء من الأساس غير مقبول .

وكان يجب أن يتم تشكيل لجنة من الخبراء والقانونيين ويتم الإعلان عنها ويتم إطلاع الشعب على نتائج عملها لا أن يتم النزع بتلك الطريقة حتى لو كانت ملكيتهم للسعودية.

يذكرني هذا في بداية التسعينيات عندما أعاد مبارك بعض الأراضي والتي كان يزرعها الفلاحين ونحن كنا منهم لعشرات السنين ولدينا حيازة زراعية بها في الجمعية الزراعية ومن حقنا البيع والشراء لتلك الأراضى ونقوم بسداد إيجارها لدى الجمعية سنويًا ومقيدة بالدفاتر الحكومية أنها ملكًا لنا وبين عشية وضحاها ظهر أحد هؤلاء الاقطاعيين القدامى والذي لم يرى تلك الأرض ولو مرة واحدة في حياتة إنها ميراث أجدادة وأبائة وعلينا تسليم الأرض بما عليها من زراعات او التعاقد مع المالك مباشرة وبأضعاف الإيجار التى كانت تحصلة الدولة ومنهم من رفض حتى أن تترك تلك الأرض مع من روها بعرقهم وأفنوا فيها عمرهم وصحتهم في استصلاحها وأن عليهم تركها فكان هذا اغتصاب وقتل لألاف الفلاحين وقتل بدون رحمة حتى هجر الكثير منهم الارض عنوة واصبحوا اجراء مرة آخرى ومنهم من ظل يدافع عن أرضه حتى دخل الى السجن ، والحجة لدى النظام ان تلك الأرض ملكًا لهولاء الأقطاعين وهى ليست أراضى استصلاح زراعي الذي وزرعها عبدالناصر وقتها .

عادت الحكومة الليلية تاخذ قرارتها فى الظلام ويشرق علينا الصباح بما لا نحمد عقباة وانه علينا الاذعان لتلك القرارات أو ننتظر المصير المجهول لو ابدينا رأيا يخالف رأيهم .

ولكن لم تعلم الحكومة ان زمن الخوف والصمت انتهى وأن السكوت مات وقت ان انتفض الشعب فى ثورة يناير ولن يعود للصمت والخنوع او الإذعان مرة اخرى حتى لو كان فى ذلك حياتهم أو التنكيل بهم قسرا واعتقالا .

وكان يجب عليهم ان يتم توضيح تلك الحقائق والتمهيد لعرض تلك المواضيع التى تمس الأمن القومى واحترام الدستور والقانون . واننا قدمنا الدماء والشهداء فى سبيل الدفاع عنها وماذا قدمت السعودية لحمايتها من العدو المتربص بنا طوال الوقت .

فهل تنازلت ايران للامارات عن الجزر التى تسيطر عليها لحماية مضيق هرمز وهل اسبانيا تنازلت للمغرب حتى نتنازل نحن عن تلك الجزر الذى وضعنا ايدينا عليها ونتصور طوال الوقت انها ملكيتنا ملكية خالصة .

لم يحدث ولن يحدث فهل نحن الطيبون وهم الأشرار .

وفرضا ان تلك الجزيرتان ملكا للسعودية كما تقول الخرائط والرسومات والجغرافية والقانون البحرى والدولى والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والخارجية وكل من قال نعم هما للسعودية .فلماذا ضللونا كل تلك السنوات ونحن نعددها من ضمن الجزر التى تقع فى جغرافية مصر ؟

لماذا علمونا انها من ضمن المحميات الطبيعية ؟ وانها بند من بنود اتفاقية كامب ديفيد ؟

لماذا نحن فقط من قدمنا فيها الدماء والأرواح ؟

لماذا خدوعنا كل تلك السنوات واليوم وبكل بساطة أن صاحب الأرض يريد ان يسترد أمانتة ؟

فهل اسرائيل خرجت من فلسطين المحتلة وعاد القدس لنا جميعا ام نحن نكيل بمكيالين .

كما أننى لا اقبل القاء صكوك التخوين والوطنية على من مع ومن ضد فالأمور لا تقاس بتلك الطريقة .واننا نعطى الفرصة لمن يصطادون فى الماء العكر ليكدرون صفو العلاقات المصرية السعودية بل والعربية جمعاء ونحن احوج ما نكون الى لم الشمل العربى .

فمن اتهم الرئيس بالخيانة وانه فرط فى الارض بكل خسة وندالة . فليس ذلك الرجل من يفعل ذلك . ولكن كان يجب ان يصارح الشعب اولا قبل الاقدام على تلك الخطوة .وهو من قال اننا مستعدون على ان نموت جوعا للحفاظ على ذلك الوطن ولن نقف أذلاء لأحد فنحن مصر والجميع يعرف مكانتها وقدرها .فغابت الشفافية وكثر اللبث والتوتر والقلق بين أفراد الشعب .

كما ان التوقيت الذى تم فية اعلان ترسيم الحدود البحرية بين البلدين قاتل وكان بالامكان ان يكون ذلك بعد الزيارة الناجحة لملك السعودية وليس الان .

كما ان حالة التربص والترصد الذى يحملها اعداء الوطن من ابنائه الحاقدين كبيرة وتشعرك بالمرارة .
فهناك من يتهم السعودية بالوقوف ضد ثورات الربيع العربى وانها هى من حرقت المجمع العلمى والذى يحوى تلك الخرائط التى تستند مصر عليها لاثبات ملكيتها .

ومنهم من قرر ان يشكل مجلس رئاسى مدنى لما بعد سقوط السيسى واننا نعيش فى دولة الفوضى او اللا دولة .

ومنهم من هب لعمل توكيلات لعدد من المحامين لرفع قضية على الحكومة لايقاف تلك الاتفاقية وكأن البلد ليس بها دستور ولا برلمان يجب ان يحترما صونا لحقوق المصرين ورعاية مصالحهم .

ومنهم من اتهم بالخيانة من وقف مع السعودية وانها تملك كل الارواق التى تثبت ملكيتها للجزيرتين .

كذلك حالة من التخبط فى الاعلام المصرى والذى يقف بعضة بكل صمود ليؤكد سعودية الجزيرتين وان الرئيس كان امينا عليهما وان مصر كانت لتحفظ الأمانة ولا تخونها وبعضة الأخر الذى يروج عكس الاخر.

وهل فكر النظام فى الموقف بعد ذلك التنازل عن السيادة على الجزيرتين ؟

وما موقف اسرائيل واتفاقية السلام كامب ديفيد ؟

بل موقف المصريين انفسهم والذين بدئوا فى الاحتشاد لمظاهرات الجمعه القادمه ونتيجة مواجهه تلك التظاهرات ؟

ومازالنا فى حالة من الشتات والانقسام وكل فريق يعرض مالدية من اوراق تثبت صحة موقفة والمواطن البسيط مازال تائها بين الطرفين .فهل نحن فعلا تنازلنا عن ملكيتنا للجزيرة ام هما ليسا ملكا لنا فعلا ؟

سؤال يتردد وكل طرف يجاوب عنه بطريقتة دون ان تخرج الخارجية او الحكومة كلها او البرلمان ليرد او يوضح الحقيقة للشعب .

وقبل تفاقم الوضع ادعو الرئيس الى ان يخرج من هذا الصمت وان يتحدث الى الشعب بكل شفافية عما حدث وان يتحدث كذلك المختصون بذلك الأمر ومن يملكون بكل جوانبة يتحدثون بكل صدق الى الشعب لاستبيان الحقيقة وتوضيحها حتى لا نكون عرضة الى الانقسام وحتى تظهر الحقيقة كاملة ونقتنع بما تم وما سوف يتم ونكون جاهزين لكل نتائج ذلك القرار .

سيدى الرئيس هناك احتشاد من بعض افراد الشعب الى رفض ذلك التسليم للجزيرتين وهناك نتائج وخيمة لذلك وهناك صدام منتظر ودعوات الى التظاهرات يوم الجمعة القادمة وعليكم بمعالجة ذلك قبل فوات الآوان وحتى تهدأ وتيرة الغضب .

سيدى الرئيس هناك كثير من التردى فى مناحى الوطن بسبب تقصير فى الأداء الحكومى ولم يدرك المواطن بعد جهدكم فى سبيل نهضة الوطن وحالة الغلاء الشديدة فى الأسعار والفساد المستشرى يوحى بأننا عدنا الى ما قبل يناير 2011 .

ولكن انتم متهمون ببيع الجزيرتين والتفريط فيها بعد توقيعكم اتفاقية ترسيم الحدود وهذا ولد كثير من الغضب لدى المصريين وعليكم توضيح الحقيقة كاملة وكفى .

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رآي الشرقية توداي ، بينما تعبر عن رآي الكاتب فقط .

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى