أعمدة

عمر طاهر | يكتب : 50 قرارًا لـ«برما» في 2016

عمر طاهر

عزيزى عمر، شكرا على رسالتك، أما عن سر اختفائى فقد كنت مشغولا بإعادة ضبط زوايا و اتزان حياتى، و قد اتخذت عدة قرارات بخصوص 2016، قررت أن أجعلك شاهدا على تنفيذها و أن أمنحك حق الضبطية القضائية لملاحقتى فى حال تقاعسى عن تنفيذ أو الالتزام بواحدة منها.

سوف أقلع عن أغبى عاداتى وهى أن أمسك الموبايل فور أن أستيقظ من النوم لأدخل على فيسبوك أو تويتر، قبل أن أغسل وجهى أو أقول للعالم صباح الخير، وهو الأمر الذى يجعلنى أنزل إلى الشارع و أنا راكبنى ميت عفريت مجانا، أما الرجل الفلاح الذى يعرض على قارعة الطريق بضاعته البراقة الجميلة المكونة من عناقيد الجزر الأصفر و الجزر الأحمر وحبات البنجر وثمار اللفت، والذى أمر به يوميا مكتفيا بالاستمتاع بمنظره، سأتوقف عنده و أشترى منه بعضا من بضاعته الرائقة، ليس للأمر علاقة بالجزر أو البنجر، ولكنه على سبيل التعبير عن الامتنان تأخر كثيرا، سأزرع فى شرفة المنزل شجرة ياسمين.

ولن أتناول السمك فى محلات الأسماك المكيفة، سأذهب لشراء البورى الظازج بنفسى من حلقة السمك فى سوق العبور ثم أشويه فى البيت، لن أغلق شاشة اللاب توب كأننى أغلق كبوت العربية لكن سأعمل (شت داون)، ولن أترك أية شواحن (مدلدلة) من فيش الكهرباء، سأتصل بكل الذين أحبهم قبل أن يرحلوا عن حياتى لأسئل كل واحد على حدة (أنت ليه ما بتقوليش إنك بتحبنى قبل ما تموت؟)، أى واحدة لديها مشكلة ما مع زوجها و طلبت منى نصيحة زوجية ساقول لها نصيحة واحدة أيا كانت المشكلة (روحى للكوافير)، الرجل تافه، وإذا طلب منى رجل نصيحة مستقبلية عن الزواج ساقول له نصيحة واحدة (لا تتزوج واحدة كسول)، كسل المرأة ينعكس على كل شىء فى حياتها من التعبير عن مشاعرها إلى ضبط درجة الملح فى الطعام.

سأطلب مداخلة تليفونية مع إحدى مصاطب التحليل الرياضى المنصوبة طول الليل لأقول للكباتن الموجودين أنتوا ناس تافهة تقدمون خبرات بائسة عن لعبة بائسة فى بلد بائس وأن كرة القدم فسد أمرها منذ بدأ المتحدثين عنها يرتدون (بدلة و كرافتة)، سانزل مرة واحدة على الأقل أسبوعيا لأتمشى فى شوارع وسط البلد من الخامسة إلى السابعة صباحا، وهى الفترة الوحيدة التى يمكنك أن تتأكد فيها إنك لازلت تحب البلد، سأحذف من الديكودر كل القنوات التقليدية المألوفة التى يشاهدها الجميع وساترك قنوات تصنع لى عالما يخصنى و يرضينى، ساكتفى بقنوات ميكى ماوس و رويال سيكرت و تليفزيون تشاد وفتافيت والقناة الثانية المغربية.

تنفذ الأموال سريعا قبل أن تتم ترجمتها إلى شىء عليه القيمة، لذلك سأورط نفسى فى 3 أقساط على الأقل بنهايتها يصبح لدى شقة صغيرة ووفدان فى الصحراء سأزرعه رمان و ماكينة اسبرسو، سأخصص كل سبت لدعوة صديق على الغذاء بشرط أن يكون خارج القاهرة، ممكن شوية سمك عند زفريون فى أبو قير أو شوية كفتة عند الصباحى فى المنصورة أو شوية ساندوتشات سورمباء و بيض سبيط فى السويس، لنصنع ذكريات جديدة مع أصدقائنا بدلا من الذكريات القديمة التى نستعيدها هى نفسها بحذافيرها كل مرة.

سأفتح على فيسبوك حسابا باسم وهمى مستعار سأعبر من خلاله عن وجهة نظرى فى كل شىء بـ (الشتيمة)، السباب أحيانا يكون منطقيا و موضوعيا وبليغا فى التعبير عن وجهة النظر، سأقوم بقراءة مؤلفات كل الكتاب الذين أعرف أنهم مهمين لكن لم يسبق لى أن قرأت حرفا لهم (عبد الرحمن الشرقاوى مثلا)، سأقوم بفك السيلوفان عن كل الكتب الجديدة التى تتناثر فى غرفتى وساقوم كل شهر بتلخيص كتاب وعمل (بريزنتيشن له) أمام بعض أصدقائى التافهين، سأشترى بطاريات جديدة لكل ريموتات البيت، انتهى زمن العضعضة صارت ضروسى تؤلمنى، سأعود للدفاع عن كل الثوابت التى قمت بتكسيرها و أنا منتشى بغرور الشباب، سأذكر نفسى دائما بمقولة الناقد فى فيلم ( الفأر الطباخ): النقد عمل لا مغامرة فيه، سأفتح صفحة على فيسبوك للكتابة عن (الأكل الوحش) الذى يملىء مطاعم مصر ولفضح صفحات الطعام التى يديرها اشخاص (مابيعرفوش ياكلوا أصلا).

بعدها سأعلق علم مصر بالحجم الكبير فى البلكونة، ثم أمنح نفسى بعض الوقت للتدريب على ( الرضا)، لأن (الشعلقة) بين ما حدث بالفعل و استقر وبين الاكتشافات المتأخرة عذاب، يعنى بعد أن تستقر فى (المعادى) ثم تكتشف أن (الكوربة) أجمل و أدفى فهذا مهلك مالم تواجهه بالرضا، لن أسمح لـ (الكوربة) أن تفسد ما تبقى من حياتى، سأتشرى ملابس داخلية بيضاء بعد أن غيرت الملونة شخصيتى، و لن أسير و جيبى خالى من المفاجآت التى يمكننى أن أقدمها للعالم طول الوقت (عسلية بالسمسم، حبات النوجة، شريط بانداول إكسترا، أقماع بخور هندى)، سأستعين بمجموعة من الصعايدة لهدم حائط فى منزلى، الحائط المطل على الشاعر وسأضع بدلا منه حائطا زجاجيا، من ناحية ستكون شقتى مشرقة طول الوقت ومن ناحية أخرى سيساعدنى هذا على التخلص من حماقتة (تحديف الناس بالطوب).

ساكثر من تناول الفاكهة، وسأقوم بـ (نقع) الدوم و التمر هندى يوميا وسيكون خليطهما المشروب الرسمى لبيتى، وسأشترى دماسة وسخان كهرباء وسأقوم بتدميس الفول بنفسى فى البيت، سأضع دفاية فى الحمام، بالقرب منها سأضع منصة للشموع ذات الرائحة، لن أفوت أبدا واجب عزاء أو دعوة فرح، سأبذل مجهودا أكبر فى أن أشارك الناس لحظاتهم النادرة لاكتشفهم من جديد واكتشف نفسى بالمرة، وسأغلق موبايلى طول الوقت ولن أفتحه إلا عندما أريد الوصول لشخص ما، من يريد الوصول لى (دى مشكلته بقى)، سأطلب أن أتصور سيلفى مع أى شخص أضبطه يقوم بعمل محترم حتى لو كان شخص يلقى القمامة داخل الصندوق بالضبط، و سأصنع من هذة الصور ألبوم اسمه (صورى مع نجوم العالم)، سأسامح أى شخص يحاول أن يقدم فنا، حتى لو كان مستواه أقل من المتوسط، لكن لن أرحم أى واحد من جمهور هذا الفنان يعطيه أكبر من حجمه أو أكبر من حقه أو أكثر مما يستحق.

مش هأخد بالباقى لبان، ولن أقف على باب أى مطعم لأنتظر دورى حتى يسمحوا لى بالدخول وتناول الطعام حتى لو كان البرنس، فهذا أمر مهين لا أعرف كيف تقبله الواحد من قبل، سأكافىء نفسى فى كل مرة أتخلى فيها عن عادة من عاداتى القبيحة بتذكرة سفر إلى مراكش، وسأقلع عن أن ألوم نفسى بقسوة وهذا هو الفعل الوحيد (اللى هيخلينى أبطل أغلط)، الواحد ماعملش الصح غير لما أمه بطلت تزن عليه إنه يعمله و تهدده لو اعملوش، هاخصص نص ساعة قبل النوم كل يوم افتكر فيها حد مات وافتكر كل الحاجات الحلوة المشتركة.. ده فى حد ذاته دعاء بإن ربنا يرحمه، لن أقضى الصيف أبدا فى الساحل الشمالى، ومش هاجى على حد وأولهم نفسى، لن أقرض أحد كتابا.. سأمنحه له هدية، وساتعصب لفريقى الذى أشجعه أكثر من ذى قبل الكرة الحقيقة قوامها التعصب، الكرة من غير تعصب أشبه بفيلم لأحمد السقا من غير مطارادات، لن أتكلم فى السياسة إلا مع المؤيدين على الأقل هم يعرفون تحديدا ما الذى يؤمنون به، لكن المعارضين لو اتشقلبت فلن تفهم هم عايزين منك إيه بالضبط، سأشترى تذكرة لحفلة الشاب خالد القادمة أيا كان مكانها.

سأصادق فتاة هندية على فيسبوك ونقع فى الغرام سريعا ونقضى الليل نتحاور فى القدر الذى فرق بيننا، لن أرتدى ساعة لاستمتع ببهجة سؤال الساعة كام، وفرحة ياه ده لسه بدرى، أو إثارة أوبا ده أنا اتأخرت.

سأذهب يوميا إلى الجيم لا من أجل الرشاقة، بل من أجل اللياقة، فالحياة صعبة، وتحتاج إلى النفس الطويل.

عزيزى عمر..

أتمنى لك سنة جميلة

وأشوفك على خير.

برما

 المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى