رأي

محمد مصطفى | يكتب :صناعة اليأس

10360973_10205805898208414_1919840513343679470_n

مفيش حد بيتحول بين يوم وليله ويقولك انا هنضم او اؤيد داعش كدا من فراغ الموضوع مش بالبساطه دى ولكن له جذور متعددة .

تعالى نرجع شوية لوراء فى حياة شاب أسمه .. أيمن .

ايمن من مواليد قرية من قرى محافظة الفيوم عاش طفولته الريفية اللى بطبيعتها تحثه على بعض الاخلاقيات والقيم المعهودة عن الريف .

فى مراحل طفولته كان بيروح ياخد درس عند مدرس يعلمه هو ومن فى عمره بعض المفاهيم التعليمية البسيطة كبديل عن الحضانه عشان يقدر يدخل المدرسة وهو عنده خلفية عن التعليم زى ما اهل المدن بيعملوا .

المدرس كان بيتبع منهجية معينه فى تعليم الاطفال دول وببساطه شديدة جدا وبيزرع فيهم بعض التعاليم الدينيه الى جانب القراءة والكتابة .

استاذ أحمد المدرس كان فى كل وقت صلاة يستنى الاطفال فى مسجد البلد ويقعدوا بعد كل صلاة عشان يقولهم بعض النصايح والتعاليم الدينية وخوفا من بطشه كان الاطفال بيواظبوا على حضور الصلاة بأنتظام ويكاد يكون انتظامهم فى الصلاة اكثر من انتظامهم فى الدروس نفسها .

كبر أيمن قليلا هو ومن فى عمره وبدأ استاذ أحمد يتبع معهم منهجيه جديدة وهى تقسيم الاطفال لمجموعات وعمل مسابقات دينيه بينهم ومسابقات اوائل طلبه بينهم وبين القرى المجاورة وحفلات تكريم ومسابقات تعليمية و …الخ .

وبعد ظهور نبوغ العديد من الطلبه يقوم استاذ أحمد بتوجيهم الى اقسام محدد يتدربون عليها بعد الدخول فى عده معسكرات كشفيه ومعسكرات تنظيمية وبدأ فى زرع مفهوم وثقافة الأسر .

تمهيدا لتسكين كل مجموعة فى أسرة خاصة به وكل اسرة كانت تقيم مجموعة من النشاطات الاسبوعية تتضمن نشاطات ترفيهيه ونشاطات كشفية ونشاطات دعوية ونشاطات تعليميه .

فى مرحلة من المراحل كان أيمن يتلقى التعليم الدينى من خلال المدرسة الحكومية بالمدينة ولكن التعليم الدينى لم يكن كافى انه يجعل ايمن يفكر فى امور عقائدية كثيرة ودا لانه تلقى العقيدة من جانب أستاذ أحمد ومن خلال الأسر والمعسكرات .

أيمن كبر وبقى عنده 20 سنة وهو لا يعرف الا الاسلام الذى تعلمه من خلال استاذه ومن خلال الاسر والمعسكرات ومن خلال اللقاءات الاسبوعية والرسائل الدعوية والكتب اللى كان لابد انه يقراها عشان يتطور تدرجة التنظيمة …. تدرجة التنظيمة !!!
اه تدرجة التنظيمة داخل جماعة من الجماعات … كمان جماعة !! .

أيمن مكنش يعرف الا انه بيتعلم الاسلام وبيصلى ويصوم ومتدين بشكل هو راضى عنه واهل البلد كلها بتحلف بأدبه واخلاقة ايمن مكنش يعرف ان كل اللى هو انخرط جواه دا هو أسس تربوية لجماعات اسلامية كتيرة جدااا ولما دخل مرحلة التعليم العام مكنش بيلاقى تعليم دينى يأسس فى ذهنه أصول العقيدة وبالتالى متزرعش جواه الا عقيدة واحدة وبس ! .

تحول أيمن مع الوقت تحول غريب على المجتمع نظرا لحاله الصدام الفكرى اللى بدأت تشاكس وتداعب افكاره بشدة .

وبالتدريج كان مع كل خاطرة او فكرة يذهب ليسأل ويستفسر من أهل العلم عن معناها … اهل ايه ؟! .. اهل العلم اللى هما فى الاساس علموه العقيدة اللى سببتله حاله الصدام الفكرى مع المجتمع ومن هنا أصبح متلقى من طرف واحد لا يعتقد الا عقيدتهم لا يتنبى الا افكارهم لا يقتنع الا بمذهبهم فالاسلام هو الجماعة والجماعة هى الاسلام .

متستغربش ان ايمن تعليميا متخرج من كلية الطب … عادى جداا وحتى لو كان حاصل على أعلى المراتب التعليمية الا ان دا ملوش علاقة بعقيدته الدينيه و الفكرة اللى اتزرعت من جواه وهو صغير وايمانه بالعقيدة – لاحظ العقيدة مش الفكرة لان العقيدة أقوى – جعل منه ايقونه متحركه كل اصدقائه واقرب الاقربين له يعلمون جيداا تدينه وعادة بتلاقى اقرب حد منه بدأ تلقائيا يتعلم منه تعاليمه ومفاهيمه وبينقله عقيدته وكتبه ودروسه وبيكون نواه لتأسيس أيمن جديد ! .. وبأستخدام نفس الاساليب اللى تمت معاه لصناعته .

أيمن حاليا مقاتل فى صفوف داعش ودا شىء مش غريب ولا مستغرب قوى ولكن الغريب هو عدم قيام مؤسسات الدولة بدورها الحقيقى … ايوة هيعملوا ايه يعنى ؟!

على اقل تقدير يمكن للدولة انها تتبع الأتى عشان تصحح عقيدة او بالادق تأسس عقيدة دينيه صحيحة فى عقول شباب متعلمش اساسا أصول عقيدة من السهل على الدولة انها تضع منهج تربية دينيه يحتوى على اصول عقيدة ويقوم بتدريسه أزهرى متخصص .

من السهل على الدولة انها تسخر وسائلها لتصحيح مفاهيم كتيرة جدااا ولكن عليها ان تتحمل جيل بأكمله عقيدته مشوهه وفكره متردد .

من السهل ان الدولة تكف عن مواجهه الشباب لان مش دايما بتكون العقيدة الدينيه هى الدافع الوحيد للعنف على العكس اليأس عقيدة اقوى من العقيدة الدينية وهو الوحيد القادر على تغيير أسس اى عقيدة دينيه .

على الدولة انها تعيد توظيف طاقات الشباب والانتقال الى الحداثة الحقيقية بمعناها المهنى والتوظيفى .

محدش يكلمنى عن القدوة لان أيمن كان طبيب !!
كلمونى أكتر عن معانى السلام الاجتماعى
كلمونى اكتر عن معانى التقدم الاقتصادى والتطور فى الحد من البطاله .

كلمونى أكتر عن الحد من أسس صناعة اليأس .

مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن الشرقية توداي

زر الذهاب إلى الأعلى