تقارير و تحقيقاتسلايد

مشروع “نهر الكونغو” يقدم البشرى للمصريين.. صفعة مصرية لإثيوبيا لتقديم البديل عن مياه النيل

نهر الكونغو

بشرى للمصريين.. مياه النيل لن تتوقف والتدفق سيكون بشكل أكبر والكهرباء لن تنقطع مرة أخرى.. هذا الأمر ليس محض خيال، لكن طرحه الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بكلية الزراعة جامعة القاهرة، من خلال مشروع “شق قناة تربط نهر النيل بنهر الكونغو لتوفير المياه والكهرباء”، المشروع سيكون صفعة توجهها مصر لإثيوبيا التي أقدمت على بناء سد النهضة وتقليل حصة مصر من مياه النيل، فالبديل موجود لكن الأمر يحتاج لإرادة سياسية.
وفكرة المشروع التي عرضها الدكتور نادر نور الدين من خلال مجموعة ابن سينا الإلكترونية وهي مجموعة يلتقي فيها كوكبة من خبرات مصر في شتى العلوم قائلا: “فكرة المشروع يمكن أن تغير من وجه مصر وهي عبارة عن شق قناة تصل نهر الكونغو بأحد روافد نهر النيل بالسودان وفي ظل العلاقات المميزة بين مصر والكونغو”.
ويعد نهر الكونغو ثاني أكبر أنهار العالم من حيث الدفق المائي بعد نهر الأمازون، ويلقي النهر ما يزيد على ألف مليار متر مكعب من المياه في المحيط الأطلنطي، حتى أن المياه العذبة تمتد إلى مسافة 30 كيلومترًا داخل المحيط، بخلاف وجود شلالات لتوليد الكهرباء تستطيع توليد كهرباء تكفي القارة الأفريقية كلها.
المثير أن الكونغو – وفقا لدراسة مشروع الدكتور نادر- طلبت المساعدة من مصر، ولكن الاستجابة كانت ضعيفة، ولذلك فالأمر يحتاج لقيادة تسعى في هذا الطريق، فنهر الكونغو كان يعرف قديما بنهر زائير، وهو مكان سحري شبهوه بجنة عدن، يشمل حوض نهر الكونغو عدة دول: جمهورية الكونغو الديمقراطية، الكاميرون، جمهورية أفريقيا الوسطى، الجابون، وجزء من غينيا.
والكونغو نهر عظيم من ناحية حجمه وكثرة وجود القنوات فيه، وهو موطن لأسماك عديدة، ويخلق نظامًا بيئيًا غنيًا جدًا بتنوعه البيولوجي، وتكثر فيه التيارات المتنقلة والدوامات المميته فيصعب الإبحار فيه.
وفي دراسة المشروع أن ما يميز نهر الكنغو عن غيره من الأنهار هو عدم وجود دلتا له، بل تنساب المياه المحملة بالطمى في خندق عميق وتمتد بعيدًا داخل المحيط الأطلسي، ويبلغ طول نهر الكونغو 4700 كيلومتر، ولديه قوة هائلة في دفع الماء إلى البحر، ويدفع قرابة 41700 طن من المياه في الثانية.
ومشروع ربط نهر النيل بنهر الكونغو يبلغ إيراده السنوي من المياه 1900 مليار متر مكعب، وقناة الربط تكلفة إنشائها 8 مليارات دولار وهي كفيلة بضخ كمية من المياه في الصحراء الغربية تعادل 3 أضعاف حصة مصر، من نهر النيل بما يعيد أحياء مجرى نهر النيل القديم والذي كان يبدأ من جنوب توشكا ويمر بالواحات، ولن تغرق هذه المياه مصر لأنه يمكن تخزين الفائض في منخفض القطارة، واستغلال مساقط المياه فيه لتوليد الكهرباء (أعمق نقطة فيه 160 مترًا تحت سطح البحر) وإنشاء دلتا جديدة حوله أكبر من دلتا النيل الحالية!
الدكتور نادر يرى في دراسته قال إنه اختار نهر الكونغو كحل ممتاز للأزمة المائية المصرية، فنهر الكونغو هو الأغنى في أفريقيا والعالم، من حيث تدفق المياه والأمطار الغزيرة طوال العام، وشعب الكونغو من أغنى شعوب العالم بالموارد المائية، ونصيب الفرد من المياه في الكونغو 35000 متر مكعب سنويًا، بالإضافة إلى ألف مليار متر مكعب سنويًا، تضيع في المحيط دون أن يستفيد منها أحد.
فكرة وفلسفة المشروع تقوم على توليد طاقة كهربائية من المساقط المائية تكفي لإنارة القارة الأفريقية، والمشروع سيجعل الكونغو من أكبر الدول المصدرة للطاقة في العالم، ويحقق لها عائدًا ماديًا ضخمًا من توليد وتصدير الطاقة الكهربائية، بالإضافة إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الكهرباء لمصر والكونغو والسودان أيضًا.
وأكدت الدراسة أن مصر مقبلة على أزمة مياه وطاقة في الأعوام الــ50 المقبلة، والمشروع يوفر الماء والكهرباء ودون مقابل، وأن رجال أعمال مصريين وعرب وافقوا على تمويل المشروع ذاتيا، دون أن تتحمل خزينة الدولة أي أعباء إضافية تزيد من معاناة الموازنة العامة الضعيفة نسبيًا.
وجاء بالمشروع أنه بإمكان السودان إنشاء حزانات عملاقه لتخزين حصتها من المشروع، أو بحيرة عملاقة تكون كاحتياطي استراتيجي من المياه السودانية، أو إنشاء بحيرة عملاقة لتحويل المياه الإضافية مع إمكانية توليد طاقة كهربائية من المشروع في جنوب السودان، إذا أقيم سد لتوليد وتخزين المياه الكونغولية الغزيرة، التي ستوفرها القناة للسودان ومصر، أي أن هناك فائدة ستأتي لمصر والسودان وجنوب السودان وحتى الشركات المصرية المحلية العملاقة.
وأشار المشروع إلى أنه لا يوجد بند واحد في القانون الدولي، أو في اتفاقيات دول حوض النيل تمنع إقامة تلك المشروع إلا في حالة واحدة، إذا عارضت أو رفضت الكونغو المشروع، وأن هناك بندًا في القانون الدولي يسمح للدول الفقيرة مائيًا مثل مصر، أن تعلن فقرها المائي من خلال إعلان عالمي، وفي تلك الحالة يحق لمصر سحب المياه من أي دولة حدودية، أو متشاطئة معها، غنية بالمياه، والكونغو وافقت مبدئيًا على فكرة المشروع ولم تبد أي اعتراض؛ لأن الاستفادة الكونغولية ستفوق الاستفادة المصرية من المشروع، مع إمكانية إقامة حياة زراعية ضخمة على ضفتي القناة التي ستربط نهر الكونغو بنهر النيل، سيستفيد سكان تلك المناطق الفقيرة داخل الكونغو المتعطش للتنمية.
وأكدت صفحات المشروع أن تلك الموارد المائية الضخمة ستحول مصر إلى جنة خضراء، وتستطيع زراعة ملايين الأفدنة، مع كميات هائلة من المياه، التي يمكن تخزينها في منخفض القطارة، بدلًا من المياه المالحة التي تهدد خزان الماء الجوفي في الصحراء الغربية، ونسبة البخر من منخفض القطارة ستزيد من كمية هطول الأمطار في الصحراء الغربية.
وأشارت الدراسة إلى أن تكلفة عام واحد من الحرب في أدغال أفريقيا، ستكلف خزينة مصر أكثر من تكاليف المشروع، الذي لن تنفق عليه مصر مليمًا واحدًا ماعدا منخفض القطارة، والمشروع سينفذ على مصر الصراعات والنزاعات الإقليمية، والمفاوضات التي سيطول أمدها، وأنه بإمكان سلاح المهندسين بالجيش المصري، وشركات المقاولات المحلية العملاقة، إنجاز مشروع منخفض القطارة في 5 سنوات.
وعلى الرغم من التصريحات الرسمية، وبعض الدراسات المائية التي لا تزال تؤكد أن مصر لن تتضرر من بناء إثيوبيا لـ”سد النهضة”، فإن الواقع العملي يحتم على مصر أن تتحرك لمواجهة الخطر المحتمل، ومشروع نهر الكونغو هو المشروع البديل.
ومشروع نهر الكونغو كفكرة طرحت قبل أكثر من 100 عام، وتحديدًا عام 1902، عندما طرحها “أباتا” كبير مهندسي الري المصريين في السودان الذي اقترح شق قناة تصل نهر الكونغو بأحد روافد النيل بالسودان للاستفادة من المياه التي تهدر منه، حيث يلقي النهر ما يزيد على ألف مليار متر مكعب من المياه في المحيط الأطلنطي، حتى أن المياه العذبة تمتد إلى مسافة 30 كيلومترًا داخل المحيط، بخلاف وجود شلالات قوية يمكن من خلالها توليد طاقة كهربائية تكفي القارة الأفريقية كلها.
وبعد 78 عامًا عادت الفكرة للظهور مرة أخرى، في نهاية عهد الرئيس الراحل أنور السادات، عندما أمر بعمل جولة ميدانية في الكونغو لتقديم تصور عن الطبيعة الجغرافية للنهر، وبعد تقديم المشروع للسادات قامت الحكومة المصرية بإرساله إلى شركة آرثر دي ليتل “1” وهي شركة أمريكية عالمية متخصصة في تقديم الاستشارات الاستراتيجية، لعمل التصور والتكلفة المتوقعة، وردت الشركة بالموافقة، وأرسلت في التقرير حقائق جيدة لمصر.
وبعد رحيل الرئيس السادات، تم إغلاق الملف مجددًا، ولم يفكر الرئيس السابق مبارك، في تحقيق الأمن المائي لمصر، خاصة مع تصاعد الأزمة بين البلدين على خلفية محاولة اغتياله بأديس أبابا 1995.
وفي 2011 عادت الفكرة مرة أخرى للظهور وخاصة بعد اتفاقية عنتيبي ومحاولة رئيس وزراء إثيوبيا السابق ميلس زيناوي إقامة سد النهضة وجر مصر للصدام بسبب محاولة تقليل حصة مصر من المياه، وقام الدكتور نادر بعرض دراسته على رئيس الوزراء آنذاك عصام شرف، لكن الأمر لم يحدث فيه تغيير ولم يبت فيه، حتي عادت الأزمة مرة أخرى تطل برأسها هذه الأيام بتحويل إثيوبيا لمجري النيل الأزرق وشروعها في بناء سد النهضة، الذي سيتحكم في حصة مصر من مياة النيل.
كان الدكتور عبد العال حسن، نائب رئيس هيئة المساحة الجيولوجية والثروة المعدنية، قد أعلن عن نجاح خبراء الهيئة في وضع 3 سيناريوهات علمية وجيولوجية، تسمح بزيادة إيراد نهر النيل عن طريق نقل فواقد المياه المهدرة من نهر الكونغو في المحيط الهادى إلى حوض نهر النيل، دون التعارض مع اتفاقيات الأنهار الدولية؛ لأن نهر الكونغو لا يخضع للاتفاقيات الدولية، حيث سيتم استخدام جزء من فاقد نهر الكونغو الذي يصل إلى 1000 مليار متر مكعب سنويًا يلقى في المحيط الهادى، وذلك عن طريق إنشاء قناة حاملة بطول 600 كيلو متر لنقل المياه إلى حوض نهر النيل عبر جنوب السودان إلى شمالها ومنها إلى بحيرة ناصر.
تقوم فكرة المشروع على تماس حوضى نهر النيل ونهر الكونغو، حيث ستتم الاستعانة بكل البيانات المتاحة من خلال البيانات التي رصدتها الأقمار الصناعية المرئية والرادارية والخرائط الطوبوغرافية والخرائط الجيولوجية والبيانات المناخية، لدراسة أنسب مسار لتوصيل المياه من نهر الكونغو إلى نهر النيل عبر خط تقسيم المياه وصولًا إلى جنوب جوبا “جنوب السودان”.
تمت دراسة 3 سيناريوهات مقترحة لتحديد مسار المياه، طول الأول 424 كيلومترًا وفرق منسوب المياه سيكون 1500 وهو ما يحل تنفيذه، والسيناريو الثانى على مسافة 940 كيلومترًا وارتفاع 400 متر، والثالث ينقل المياه على مسافة 600 كيلو متر وفرق ارتفاع 200 متر، وهو السيناريو الأقرب إلى التنفيذ من خلال 4 محطات رفع للمياه متتالية.
وكشف المقترح عن إمكانية توليد طاقة كهربائية تبلغ 300 تريليون وات في الساعة، وهى تكفى لإنارة قارة أفريقيا، لافتًا إلى أن الكونغو تصنف أن لديها 16 من قدرات الطاقة الكهرومائية في العالم لتوليد المياه من المساقط المائية.

المصدر

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى