أعمدة

مصطفى النجار | يكتب : تقربوا لله بإطلاق سراح الأطفال

مصطفي النجار

سارعت الهيئات الدينية الرسمية فى مصر بإصدار بيانات حادة عن حرمة المجاهرة بالفطر فى نهار رمضان، ونشرت الصحف تقارير عن تحركات لجهات تنفيذية لضبط المفطرين والأماكن التى يرتادونها كالمقاهى وغيرها، وبرر المؤيدون لذلك أن هذا دفاع وتقديس لحرمة الشهر الفضيل، وحماية حدود الدين، وإرضاء لله، وواجب تقوم به الدولة التى دينها الرسمى الإسلام!، بعيدا عن غرابة السلوك وانتهاك الحريات الشخصية للناس والتدخل فى علاقتهم الخاصة بالله، لم نر مثل هذا الحماس لرفع المظالم المتراكمة فى كل أنحاء مصر، والتى أقرت السلطة ذات نفسها بوجودها وقالت إنها طبيعية بسبب الحرب على الإرهاب وإنها بصدد بحثها وإنهائها.

لا أحد يتحدث عن ملف الأطفال المعتقلين فى مصر رغم قسوته، كل يوم تجد على صفحات الإنترنت صورا وقصصا مروعة عن أطفال معتقلين أعمارهم لا تتجاوز السادسة عشرة، وهم طلاب فى المرحلة الإعدادية أو الثانوية، يتعرضون لانتهاكات لا تتوقف، ويواجهون أحكاما مغلظة يصعب تفهم ملابساتها أو تصديق المقدمات التى أدت للنتيجة الحالية.

نحن لا نتحدث عن قصص وهمية ولا نريد الإساءة لأى مؤسسة بالدولة، كما يردد المدافعون عن التعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان، لكننا نطلق صرخة تخاطب أصحاب الضمائر- إن وُجدوا- فى هذا الشهر الفضيل، نموذج مفجع للانتهاكات ضد الأطفال قصة الطفل عبدالله محمد بخيت، الذى يبلغ من العمر 15 سنة، الطالب بالصف الأول الثانوى، والذى جلس معتقلا بين عتاة المجرمين الجنائيين بقسم الشرطة بعد مرور أكثر من عام على اعتقاله من الشارع وهو عائد من أحد الدروس الخصوصية بمدينة الإسكندرية، تعرض الطفل- طبقا لأقوال أسرته- لحفلة تعذيب وضرب وتكميم للعينين ومحاولات للإجبار على الاعتراف بتهم وهمية، وتم عمل محضر للطفل عبدالله احتوى الاتهامات التالية: الاعتداء على قوات الجيش والشرطة- وقف تسيير القطارات- إعاقة مرور السيارات- الاعتداء على المارة واستعراض القوة- حيازة أسلحة- الانضمام لجماعة محظورة- التخطيط لضرب الاقتصاد- التآمر لإفساد المؤتمر الاقتصادى!!.

كيف لطفل عمره 15 سنة أن يوقف تسيير القطارات! ويخطط لضرب الاقتصاد، ويُفشل المؤتمر الاقتصادى؟!!، ويتم حبس الطفل حبسا احتياطيا ويتم التجديد له تسع مرات قبل أن تتم إحالته لمحكمة الجنايات فى القضية رقم 19230 لسنة 2015 منتزه ثانٍ. ويظل الطفل معتقلا بلا محاكمة لمدة تسعة أشهر ليجلس بين الجنائيين الذين يضربونه ويتحرشون به ما اضطر والدته لدفع إتاوة لهم للتوقف عن إيذائه!.

يصدر حكم عليه فى ديسمبر 2015 بالسجن ثلاث سنوات وغرامة 100 ألف جنيه، دون أحراز ودون شهود على الجرائم المنسوبة إليه، وتصبح سعادة أسرته ليست فى إطلاق سراحه، بل فى مجرد نقله للمؤسسة العقابية بديلا عن الاحتجاز بقسم الشرطة الذى رأى فيه الويلات!

هذه قصة لطفل من بين ما يزيد على ألفى طفل يعانون نفس الظروف فى أماكن مختلفة، إذا كنا نريد التقرب إلى الله والتوبة فى شهر رمضان فلننهِ هذه المظالم التى شوهت وجه الوطن ولنتقّ دعوات أم مكلومة وأب مفجوع على طفله، أطلقوا سراح عبدالله وكل الأطفال والشباب المعتقلين الذين لم يقتلوا ولم ينهبوا، هذا هو العدل والأولوية قبل البحث عن المفطرين فى نهار رمضان!!.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى