أعمدة

مفيد فوزي | يكتب : إلى امرأة غالية لا أعرفها!

الإعلامي مفيد فوزي

لأنى لا أعرفك ولا أعرف اسمك أو رسمك أو رائحة عطرك، اغفرى لى لو اخترعتك من خيالى وأوهامى، اعتبرينى رساماً يرسم امرأة بالألوان والظلال، اعتبرينى نحاتاً ينحت من الصخر تمثالاً، اعتبرينى طفلاً على الشاطئ يصنع من الرمال جسد امرأة وتأتى موجة تلهو بدميتى. طول عمرى أرى البحر هو الذكر والأرض هى الأنثى، وطول عمرى أرى البحر يعانق الأرض ويلثمها، وهى تفر من بين يديه لحظة ثم تعود لترتمى بين ذراعيه وهى مستسلمة راضية بهذا الاحتواء. جئت إلى الدنيا من رحم امرأة هى أمى، أول وجه أنثى تقع عليها عيناى، وقد ظللت أبحث عن أمى بين نساء العالم، فلم أعثر على حنانها الذى بلا أجر، ولا عثرت على أمومتها المتفردة، أمومة الاحتواء حتى التلاشى والذوبان، قالوا لى «لن تتكرر يا عمرى»، قلت: أمى امرأة عادية متواضعة كالعشب وليست فلتة زمانها، أمى ليست مفيدة عبدالرحمن ولا أمينة السعيد رموز جيل وضع بصمته ومضى، ولم يعبأ أحد بالرد. أدركت أن «حنية» أمى التى تدفئنى من صقيع الدنيا لن تتكرر، ولا نصائحها على جناح حب ولا نظرتها التى ترمقنى بها تلومنى سوف تتكرر، بحثت عن هذا القلق الحنون إذا غابت صورتى عن عينيها، فما وجدت، يا ما غضبت منى وقاطعتنى يوم عصيت لها أمراً، أين أنت الآن يا أمى من زمان يقاوم السلطة الأبوية بل يسخر منها، أين أنت الآن يا أمى من زمن الوحوش يحملون النساء للمخادع بالقوة تحرشاً مريضاً أو ذكورية متسلطة، هل أبحث عن امرأة مثلك يا أمى، منزوعة الأنانية؟

زر الذهاب إلى الأعلى