أعمدة

ياسر أيوب | يكتب : الميدالية التي جاءت أخيراً

 

dhsv Hd,f

فى الثانى عشر من أغسطس عام 2012.. انتهت رسمياً دورة لندن الأوليمبية التى شاركت فيها مصر بمائة وثلاثة عشر رياضيا فى تسع عشرة لعبة.. وعادت البعثة المصرية إلى القاهرة بميداليتين فضيتين.. الأولى كانت لعلاء أبوالقاسم فى مبارزة فردى الشيش، والثانية لكرم جابر فى المصارعة الحرة.. ولم ينجح المصريون وقتها فى الاتفاق على إحساس جماعى واضح وهل يفرحون بهاتين الميداليتين أم يحزنون لهذا الرصيد القليل؟.. وكانت مصر فى لعبة رفع الأثقال بالتحديد قد شاركت بخمسة لاعبين وثلاث لاعبات، منهن عبير عبدالرحمن التى جاءت خامسة فى وزن تحت 75 كجم..

ودارت الأيام ومرت أربع سنوات وبدأ العالم يستعد لافتتاح دورة أوليمبية جديدة فى ريو دى جانيرو بعد أيام قليلة.. وتأتى المفاجأة بقرار اللجنة الأوليمبية الدولية بالتنسيق مع الاتحاد الدولى لرفع الأثقال بسحب ثلاث ميداليات من صاحباتها فى دورة لندن.. سفيتلانا من كازاخستان، وناتاليا من روسيا، وإيرينا من بيلاروسيا.. وقالت اللجنة الأوليمبية الدولية إنه قد ثبت تعاطى هؤلاء للمنشطات وبالتالى تم تجريدهن من الشرف الأوليمبى وتصعيد من كن خلفهن فى الترتيب ليفزن بهذه الميداليات.. وكان ذلك يعنى فوز البطلة المصرية عبير عبدالرحمن بالميدالية الفضية لدورة لندن الأوليمبية..

جاءت الميدالية لـ«عبير» الآن بعد أن تزوجت من مدربها محمد سلطان وأنجبت وأصبحت أماً.. وبالتأكيد لم تكن «عبير» تبالغ حين قالت إنها منذ سماعها هذا الخبر وكأنها تعيش حلماً تخشى أن يضيع منها بمجرد استيقاظها من النوم.. فـ«عبير» بذلك أصبحت أول لاعبة مصرية فى التاريخ تفوز بميدالية أوليمبية..

وأصبح من حقها التراجع عن قرار اعتزالها والاستعداد للمشاركة فى ألعاب البحر المتوسط وأن تطلب لقاء الرئيس السيسى وأن تشترط أن يكون زوجها هو مدربها.. فالتاريخ انحاز لها وكتب اسمها كأول بطلة مصرية أوليمبية حقيقية.. وهو شرف رياضى رفيع المستوى تستحقه «عبير» ومعه كل الفرحة والتقدير والاحترام.. ومن الممكن بعد ذلك التوقف أمام حكايتين: الأولى تخص كثيرين منا الذين يتهمون العالم طوال الوقت بالتآمر علينا، ولن يتحدث منهم أحد الآن عن العالم الذى انحاز لنا وقد يكون تآمر سياسيا ورياضيا على روسيا..

فالرئيس بوتين وصف كل ما جرى مؤخرا داخل اللجنة الأوليمبية الدولية بالمؤامرة على بلاده وأبطالها.. أما الحكاية الثانية فهى تخص جهاز الرياضة بالقوات المسلحة.. فـ«عبير» هى ابنة المؤسسة العسكرية التى احتضنتها ورعتها وأشرفت على تدريبها، وأنفقت على استعداداتها ومشاركاتها، ولهذا كان شكر «عبير» وامتنانها العميق للفريق أول صدقى صبحى، وزير الدفاع، واللواء مجدى اللوزى، المسؤول عن الرياضة العسكرية..

وأنا أيضا أشكر المؤسسة العسكرية على اهتمامها بأبطال اللعبات الأخرى، وأراه بالفعل واجبا وطنيا رائعا هو الأجدى والأهم من الانشغال بكرة القدم وتكوين أندية تنافس فيها الأهلى والزمالك وأندية الناس.. فالإمكانات الرياضية للجيش يمكن أن تصبح مصنعا لإنتاج أبطال مصريين لا أول لهم أو آخر.. وهو بالتأكيد أجمل من حلم الفوز بدورى أو كأس لكرة القدم.

 

المصدر 

زر الذهاب إلى الأعلى