مقالات

أحمد حامد دياب : يكتب| فلاح بعقل وزير ووزير بعقل بسيط

الكاتب أحمد دياب

جرت العادة في قرى الفلاحين حينما يكون هناك مزارع «جاهل» يزرع أرض ليست ملكه ويعرضها صاحب الأرض للبيع بمبلغ مثلاً 150 ألف جنيه وبالطبع أول من يعرف نية بيع الأرض هو الفلاح الذي يزرعها لأنه سيشتريها بالفعل رغم أنه لا يملك من ثمنها 50 جنيه أصلاً.

لكنه يلجأ لحيلة أخرى حيث يذهب لبنك التنمية الزراعي ويطلب قرض بـ 200 ألف جنيه بضمان بيته أو أى ضمانات أخرى ومن ثم يحصل على القرض ويسدد لصاحب الأرض 150 ألف قيمة الأرض ويتبقى معه 50 ألف جنيه .

يأخد الفلاح 40 ألف من الـ 50 ألف ومن ثم يذهب لسوق المواشي ويشتري 10 عجول صغيرة قيمة كل منها 4 آلاف جنيه ثم يأخذ الـ 10آلاف المتبقية من الـ 50 ألف ويشترى بهم أعلاف ويقوم بإطعام هذه الأعلاف للماشية التي اشتراها بالاضافة إلى ما يخرج من هذه الأرض.

بعد مرور عام يحين موعد سداد قسط القرض الذي حصل عليه فيذهب الفلاح بالماشية للسوق ويبيعها بسعر يصل لـ 14ألف جنيه للرأس الواحدة فيحصل على تقريباً 140 ألف جنيه كقيمة لـ 10 رؤس ماشية.

يذهب للبنك ويسدد 90 ألف جنيه ويبقى معه 50 ألف ويذهب للسوق ويعيد الكرة مرة أخرى وبعد عام ثاني يكون قد سدد القرض بفوائده وبقيت معه الماشية أي أنه ربح أرض زراعية وماشية ولم يدفع من ماله جنيه واحد .

هذا هو فكر الفلاح البسيط الذي لم يحصل على أي قدر من التعليم ولكنه حصل على قدر من العقلانية والتفكير البسيط الذي حٌرم منه مسئولين من أنظمة وحكومات متتالية في مصر سواء عن عمد أو عن قصد ،

حيث يفرح المسئول لانه سيحصل على قرض بفائدة ميسرة من البنك الدولي ليبني بها كوبري أو محطة صرف صحي او مصلحة أو ما شابه من البنى التحتية متناسياً انه ما سيبنيه لن يسدد ديونه ولن يعود على الدولة بجنيه واحد على العكس سيحملها مصاريف أخرى.

وهكذا تتوالى على المناصب هؤلاء “البسطاء في تفكيرهم” حتى تجاوز الدين العام في عهد المخلوع مبارك إلى 34 مليار دولار كلها أنفقت على مشاريع لن تدر على الدولة جنيه واحد بل على العكس ودفعت الدولة فوائداً للدين العام الخارجي تجاوزت مبلغ الدين أصلاً على مدى أكثر من 30 عام .

برغم أن من حصلوا على هذه القروض مسئولين كبار أغلبهم حاصل على أعلى الدرجات العلمية وأرتقى أعلى المناصب ، ولكن لو ذهبت هذه الأموال لأحد الفلاحين مثلاً لزرع بها صحراء مصر قمح وملأها ماشية ودواجن وسدد القرض وفوائده ورفع عن كاهل هذه البلاد أعباء فوائد الديون وأعفى مصر من التبعية التى نعيشها بسبب ثقل هذا الدين مما يجعلنا نتسائل هل كانت هذه السياسة مقصودة حتى لا تستطيع الحرة رفع رأسها من ثقل الديون على رأسها ويصبح الأعز منها الأذل ؟

الآراء المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها ولا تعبر بالضرورة عن رأى الشرقية توداي

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى