أخبار العالم

حكاية ساعي البريد في انفجار المرقسية.. خطابات شارع العطارين لن تصل

%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D9%8A

في العاشرة والنصف صباح الأحد الماضي، دخل “إبراهيم جرجس باخوم” إلى كنيسته المرقسية، قلق ضرب ذهن الرجل الخمسيني عما سمعه قبل لحظات داخل التاكسي، ترجمه في تساؤل لشقيقه “يا مجدي أنا سمعت إن انفجار كبير حصل في كنيسة طنطا”، وقبل إجابات الشقيق ردد إبراهيم “ربنا يسترها”، قبل أن يصبح بعد ساعات قليلة في عداد شهداء الكنيسة السكندرية.

بين دموع وحزن، يتذكر الشقيق مجدي لحظات المأساة، مجدي الذي يعمل بائعا للأدوات المكتبية، اختار أن يذهب إلى الكنيسة لصناعة السعف والورود؛ خدمة لأبناء الكنيسة. منذ مساء السبت انهمك في العمل على السعف، قبل أن يأتيه الشقيق إبراهيم في العاشرة والنصف صباح الأحد، بصحبة ابنيه التوأم “فادي وبيشوي” – 6 أعوام- وزوجته، يقول الشقيق “كان كل يوم جمعة وحد يجي الكنيسة”.

تبادلت العائلة التحية، دلفت إلى القاعة الصغيرة، الزحام جعلهم بالقرب من الباب، فيما خرج الطفل “بيشوي” ليلهو بالخارج، يذكر مجدي “خليك ماسك في إيد ابنك يا إبراهيم”، عقبها بثوان لم يشعر الشقيق بنفسه، ارتجت القاعة، “اتنطرت على ضهري من قوة الانفجار ورجلي فوق”، استفاق الشقيق ليجد زوجة إبراهيم تهرول إليه، ينهض مجدي ناظرا بجواره، ويجد إبراهيم بين الحياة والموت “جرح زي الكوباية في دماغه”، تُرجم بعدها لإعلان وفاة من المستشفى الميري.

الحزن يملأ بيت إبراهيم، صغاره وزوجته، شقيقه الذي يتلقى العلاج حتى الآن عقب الإصابة، ونفوس ابنيه الكبار كيرلس 19 عاما ومينا 20 عاما، يدرسان بالمدرسة الصناعية، ظهر الأخير في جنازة والده، يرتدي الأبيض، يمسك بالصليب والورود البيضاء، فيما لا يتوقف ذرف الدموع خلف حاملي النعش.

1

لم تتوقف سيرة إبراهيم الطيبة، بشارع العطارين بالإسكندرية، في عصر كل يوم كان مستقره، عقب العمل صباحا كموزع بريد، “كل الجوابات لازم أوصلها لغاية مكانها”، كانت فلسفة الرجل السكندري، “كان نفسه يربي ولاده، ويسعد الناس كلها”، بين الدموع والحزن يقول الأخ المكلوم، الذي أصيب هو الآخر بشظية في قدمه جراء الانفجار. عصر كل يوم يذهب إبراهيم إلى محل الأب بالعطارين للخياطة، “كان بيدخل يخيط حتتين، لو أي حد طلب تصليح من غير فلوس يعمله، يقوله اتكل على الله”.

بين الكنيسة والبريد والخياطة، كانت تدور حياة إبراهيم، 50 عاما قضاها يربي أولاده الأربعة، الصغيرين والكبار، لم توقفه عن الذهاب للكنيسة أعتداءات على كنائس أو أقباط، يردف مجدي “مكنش بيخاف، إحنا لو هنموتوا هنبقى شهدا”، فيما يردد المصاب “أتمنى بس أسأل اللي بيعمل كدة.. ليه؟، هتموتوا ألف مسيحي؟، كسبت إيه، اللي بتنيح مننا بيروح مكان أحسن”.

“اللي عملها مخطط وعارف قوتها، هتخلي الناس حتت، اللي عملها شيطان شيطان”.. يتابع الشقيق المكلوم، يردد مرتين “راسه من جوا شايفها”، يستعجب “طب إحنا مش من دينك، الأمن اللي بيفتشنا عملولك إيه؟”. ذكر مجدي أن المسافة بين وجود العائلة والبوابة تقدر بقرابة عشرة أمتار.

كلمات أخيرة يحملها المصاب “مهما حصل هنفضل نروح الكنيسة، أي واحد مسيحي يتمنى يبقى شهيد”. إبراهيم واحد من 17 شهيد في أحداث تفجير كنيسة الإسكندرية في الأحد الماضي، والذي عرف باسم الأحد الدامي، فيما خلف الحادث قرابة 47 مصابا بالمحافظة ذاتها.

 

 

المصدر 

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى