منوعات

ذنب قد يدخلك الجنة وطاعة قد تدخلك النار

%d8%b0%d9%86%d8%a8-%d9%82%d8%af-%d9%8a%d8%af%d8%ae%d9%84%d9%83-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%a7%d8%b1

نائب مستشار مفتي الجمهورية

يعيش المسلم حياته يسعى إلى فعل الطاعات وتجنب الذنوب والمنكرات أملًا في رضى الله سبحانه وتعالى ودخولالجنة التي وعد الله عبادة الصالحين.

لكن هل تعلم أن هناك طاعة قد تكون سببًا في دخولك النار، وذنب قد يكون سببًا في دخولك الجنة؟! .. نعم .. لا تتعجب .. فليست العلة في الطاعة ولا في الذنب، ولكن العلة في ما يسبقهما من نية وما يتبعهما من فعل.

كيف هذا؟!

يقول سيدي ابن عطاء الله السكندري: “رب معصية أورثت ذلًا وانكسارًا .. خير من طاعة أورثت عزًا واستكبارًا” .. وفي هذه الحكمة معانٍ دقيقة يجنب أن نتوقف عندها.

فالإنسان قد يعمل عملًا صالحًا فيجد في نفسه العجيب والتكبر على خلق الله فيظن في نفسه الصلاح، فإذا رأى أحد العصاة احتقره وتكبر عليه وتألى على الله ويقرر مصير هذا العاصي بأنه في النار، وبذلك قد تصبح هذه الطاعةسببًا في إحباط العمل الصالح وتودي بصاحبها إلى النار والعياذ بالله.

أما الذنب الذي قد يدخل صاحبه الجنة، فهو الذنب الذي يشعر صاحبه بإنكسار في قلبه وندم على هذه المعصية، فيصير يتضرع إلى الله أن يتوب عليه ويخلص في توبته فيكون ذنبه هذا سببًا في توبته وأوبته إلى الله سبحانه وتعالى ودخول الجنة.

لذا يقول سيدي ابن عجيبة الحسني رضي الله عنه شارحًا هذه الحكمة لسيدي ابن عطاء الله السكندري: (إنما كانتالمعصية التي توجب الإنكسار أفضل من الطاعة التي توجب الإستكبار، لأن المقصود من الطاعة هو الخضوع والخشوع والإنقياد والتذلل والإنكسار لله: “أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي. فإذا خلت الطاعة من هذه المعاني واتصفت بأضدادها. فالمعصية التي توجب هذه المعاني وتجلب هذه المحاسن أفضل منها، إذ لا عبرة بصورةالطاعة ولا بصورة المعصية، وإنما العبرة بما ينتج عنهما: “إن الله لاينظر إلى صوركم ولا إلى أعمالكم وإنما ينظر إلى قلوبكم”، فثمرة الطاعة هي الذل والإنكسار، وثمرة المعصية هي القسوة والإستكبار، فإذا انقلبت الثمرات انقلبت الحقائق، صارت الطاعة معصية والمعصية طاعة).

ولذلك قال المحاسبي رضي الله عنه: “إنما مراد الله سبحانه من عباده قلوبهم، فإذا تكبر العالم أو العابد وتواضع الجاهل أو العاصي، وذل هيبة لله عز وجل وخوفا منه فهو أطوع لله عز وجل من العالم والعابد بقلبه”.

وكان دأب أهل الله رضي الله عنهم أن يكرموا العصاة حتى تلين قلوبهم بالتوبة، فيقول سيدي أبو العياس المرسي رضي الله عنه: “كل إساءة أدب تثمر أدبًا فليست بإساءة أدب”، وكان رضي الله عنه كثير الرجاء لعباد الله الغالب عليه شهود وسع الرحمة، وكان رضي الله عنه يكرم الناس على نحو رتبتهم عند الله حتى أنه ربما يدخل عليه مطيع فلا يبالي به، وربما دخل عيه عاصٍ فأكرمه. لأن ذلك الطائع أتى وهو متكبر بعمله ناظرًا لفعله، وذلك العاصي دخل بكثرة معصيته وذلته ومخالفته.

ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “لو لم تذنبوا لخشيت عليكم ما هو أشد من ذلك (العجب).كذا في الصحيحين، وقال عليه الصلاة والسلام وعلى آله: :لولا أن الذنب خير من العجب ماخلا الله بين مؤمن وذنب أبدًا”.

وقال سيدي الإمام أبو مدين الغوث رضي الله عنه: “انكسار العاصي خير من صولة المطيع”، بل قال الكثير من العلماء الصالحين: “معصية بالله خير من ألف طاعة بالنفس”. ويقصدون بذلك المعصية التي يتوب صاحبها وقلبه منكسر لله.

 

المصدر 

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى