أعمدةمقالات

صلاح عيسى | يكتب : مجلس نواب فى سنة أولى ديمقراطية

صلاح عيسىأمام مجلس النواب الجديد ، الذى يُنتظر أن تعقد أولى جلساته قبل نهاية هذا الشهر، مهام ثقيلة، يزيد من وطأتها المناخ السياسى والاجتماعى الذى صاحب إجراء انتخاباته، والنتائج التى أسفرت عنها، والتى لم تلق الترحيب الكافى من الناخبين، الذين لم يهتم بعضهم بالمشاركة فيها، وقاطع بعضهم الترشح لها.. ومن المؤكد أن هؤلاء وأولئك سوف يلبدون فى الذرة لهذا المجلس لكى يثبتوا أنهم كانوا على حق حين عزفوا عن المشاركة فى اختيار أعضائه، أو عن الترشح لعضويته، وسوف ينضم إليهم، ويستغل نواياهم الحسنة، هؤلاء الذين يلبدون فى هذه الذرة منذ 30 يونيو 2013، لكى يحاولوا بالتشهير والتخريب والإرهاب معاقبة الشعب المصرى كله لأنه انتفض ضد سلطتهم، وأقصاهم عن الحكم، وحال بينهم وبين تحويل مصر إلى خرابة كما حدث فى البلاد التى حولوها إلى أطلال ينعق فيها البوم والغربان والخرفان.. وسوف يحدث هذا على الرغم من أن أحداً منهم لم يطعن فى نزاهة هذه الانتخابات أو ينسب إلى أعضاء المجلس الجديد، أنهم قد حصلوا على مقاعدهم بالتزوير، أو بناءً على أى تدخل إدارى.

وإذا كان من واجب أعضاء مجلس النواب الجديد أن يقدروا حجم المسؤوليات الضخمة الملقاة على عاتقهم، وأن ينهضوا بها على نحو يبدد ظلال الشك فى أهليتهم للقيام بها، ومشاعر الفتور وعدم الاهتمام التى أحاطت بانتخابهم، فمن حقهم علينا أن نمنحهم فترة سماح تتيح لهم الفرصة لتنظيم صفوفهم وأفكارهم، وأن نتحمل جانباً من المسؤولية عن النتيجة التى أسفرت عن اختيارهم، حين عزف بعضنا عن الترشح وتكاسل آخرون عن التصويت.. وأن ننطلق فى ذلك من إدراكنا بأن الديمقراطية هى ممارسة، وهى ابنة التجربة والخطأ، وأن المجلس الحالى – مهما كانت ملاحظاتنا وتحفظاتنا على تركيبة أو مدى أهلية أعضائه للقيام بالمهام الثقيلة الملقاة على عاتقهم – هو إحدى مؤسسات المرحلة الانتقالية، وأن دور الانعقاد الأول لهذا المجلس هو بالنسبة لنا جميعاً – حكومة وأهالى ونواباً – بمناسبة سنة أولى ديمقراطية نتعلم فيها ألف باء هذه الديمقراطية التى لم نمارسها طبقاً للمعايير الدولية إلا نادراً.

ومن سوء حظ هذا المجلس أنه سيواجه فى الأسابيع الأولى من قيامه بمهامه الثقيلة، مشاكل معقدة، ينبغى أن يجد لها حلولاً سريعة ومبتكرة، تراعى ظروف الحال فى بلد يتهدده خطر الإرهاب الذى يرفع شعار «التخريب هو الحل»، وتضع فى اعتبارها التزامات دستورية لا يملك منها فكاكاً ولا يستطيع لها تأجيلاً.

أولى هذه المشاكل هى مصير حكومة المهندس شريف إسماعيل التى أقسمت اليمين فى 19 سبتمبر الماضى، والتى أشار بعض مستشارى الرئاسة إلى أنه ليست هناك حاجة لأن تقدم استقالتها، اكتفاءً بأن تتقدم إلى المجلس ببرنامجها بعد انعقاده، لكى تحصل على ثقته، وهو ما يخالف نص المادة 146 من الدستور، والتى تنظم إجراءات تشكيل الحكومة، وتحدد مدة 30 يوماً بين التكليف وبين تقديم رئيسها برنامجها إلى مجلس النواب، ولو أخذت الرئاسة برأى هؤلاء المستشارين، كما توحى كل الدلائل، لكان معنى ذلك أن يتقدم شريف إسماعيل ببرنامج حكومته إلى مجلس النواب بعد أكثر من 90 يوماً على تكليفه بتشكيلها أى ثلاثة أضعاف المدة التى يحددها الدستور، فضلاً عن مخالفة ذلك للتقاليد الدستورية المستقرة، وهو ما يعنى ضرورة أن تقدم حكومة شريف إسماعيل استقالتها، على أن يكلفه الرئيس بتشكيل الوزارة الجديدة بعد أن يستشير رؤساء الكتل البرلمانية فى شخص رئيس الوزراء، وفيما يقترحون أن يتضمنه برنامج الحكومة، لكى يضمن حصول المرشح على ثقة المجلس.

أما المشكلة الثانية والعاجلة، التى تواجه المجلس، فهى مشكلة حوالى 400 قرار بقانون، صدرت فى عهدى الرئيسين عدلى منصور وعبدالفتاح السيسى فى الفترة ما بين الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى 19 يناير 2014 وبين انعقاد المجلس، وهى مشكلة ينقسم الرأى بشأنها إلى اتجاهين:

* يذهب الأول إلى أن هذه القرارات بقوانين هى المخاطبة بنص المادة 156 من الدستور، وعلى ذلك فإن المجلس ملزم بأن يستعرض كل هذه القوانين ويناقشها ويقرها خلال 15 يوماً من انعقاده، ولأن من المستحيل عملياً أن تتم هذه الخطوات بشكل رمزى، بأن يتحول العرض إلى مجرد قراءة نص القانون، وتتم المناقشة بأن يتحدث عضو يعارضه وآخر يؤيده، وتجرى الموافقة من حيث المبدأ، ليحال بعدها نص القرار بقانون إلى اللجنة المختصة لدراسته، لينام هناك إلى حين ميسرة.

* ويذهب الاتجاه الثانى – الذى يمثله اثنان من أعضاء لجنة الخبراء التى أعدت مسودة التعديلات الدستورية هما الدكتوران صلاح فوزى وعلى عبدالعال – إلى أن هذه القرارات بقوانين ليست هى المخاطبة بنص المادة 156 التى تتحدث عن حالة مختلفة تماماً.. وكل ما هو مطلوب من المجلس أن يناقش الأمر، ثم يصدر قراراً بأن النص لا ينطبق عليها، لتظل هذه القرارات بقوانين نافذة حتى يعدل المجلس – أو يلغى – ما يحتاج إلى ذلك منها، طبقاً للإجراءات المعتادة.

وذلك – فيما أعتقد – هو التفسير الصحيح للنص الدستورى، فضلاً عن أنه ينتهى للنتيجة ذاتها التى انتهى إليها أصحاب الاتجاه الأول.. والأهم من هذا وذاك أنه الحل الذى يقدر عليه مجلس نواب مبتدئ لايزال فى K. G. one تشريع، وسنة أولى ديمقراطية.

وربنا يستر.

Eman Salem

كاتب صحفي ورئيس تحرير موقع الشرقية توداي
زر الذهاب إلى الأعلى