أعمدة

عماد الدين حسين | يكتب : الكرة فى ملعب وزارة الداخلية

عماد-الدين-حسين11

أتمنى أن نصل إلى يوم قريب يكون فيه رجال الشرطة هم الصوت الأعلى فى مواجهة أى وقائع فساد أو انحراف أو انتهاك أو تعذيب لمواطنين على يد بعض زملائهم. تقول الوزارة دائما إن كل حالات التعذيب والخروج على القانون داخلها هى حالات فردية لا يمكن تعميمها وان الجسم الرئيسى لجهاز الشرطة سليم تمام، وتنتقد دائما من يحاول التعميم.

حسنا سوف نصدق الوزارة، لكن فى هذه الحالة وطالما ان الأغلبية بخير، فما الذى يدعوها إلى «الصمت الصهينة» حينا و«الطرمخة» أحيانا على حالات الانفلات؟!
شخصيا أنا مقتنع إلى حد كبير بأن حالات الانفلات قليلة، لكن أيضا هناك مشكلة كبيرة فى ثقافة العمل المترسخة منذ عقود طويلة ولا يمكن ان نلوم عليها قيادات الداخلية الحالية الآن فقط.
أعرف نماذج متعددة من رجال الشرطة المحترمين بل عددا من أقاربى من الدرجة الأولى يعملون ضباطا، أعرفهم منذ كنا أطفالا، ولم تتغير طبيعتهم الطيبة، «وجدعنتهم الصعيدية» إطلاقا، أعرف جنودا ومتطوعين، لاتزال فطرتهم سليمة. وأشاهد يوميا نماذج تؤدى عملها فى صمت، بل ان حالة بعضهم الاقتصادية مثلها مثل حالة أى موظف مطحون آخر فى أى وزارة.
أقرأ يوميا مثل كثيرين عن الشهداء الذين يسقطون من جهاز الشرطة دفاعا عن استقرار وأمن هذا الوطن، وانفطر قلبى مثل كثيرين، عندما قابلت بعض أسر هؤلاء الشهداء، خلال تكريمهم فى احتفال عيد الشرطة.
لكن فى المقابل اعرف شخصيا وأقرأ كل يوم عن نماذج لرجال من الشرطة جنودا وأمناء وضباطا مريضة ومشوهة نفسيا، ولا تحتاج إلى تأهيل أو تدريب أو إعادة هيكلة بل تحتاج إلى علاج نفسى داخل مصحات معزولة عن البشر تماما.
إذاً، وطالما ان العدد الأكبر من رجال الشرطة لايزالون بخير، فلماذا يسمحون لقلة صغيرة ــ على حد قولهم ــ ان تسىء إليهم جميعا، وتجعل البسطاء يتعاملون مع الداخلية باعتبارها «تجمعا للأشرار المستبدين والدمويين والمرضى النفسيين؟!».
كنت أتمنى أن تبادر وزارة الداخلية وكبار وصغار قياداتها إلى إعلان موقف موحد وواضح وصريح مما حدث من تجاوزات أمناء الشرطة ضد أطباء مستشفى المطرية التعليمى، وقبل ذلك عدوان بعض الضباط ضد مواطنين فى الأقصر والإسماعيلية والقليوبية أدت إلى مقتل مواطنين وثورة عارمة فى مواقع التواصل الاجتماعى.
سترد وزارة الداخلية وتقول إنها اتخذت الإجراءات القانونية فى كل حالة على حدة من حالات الخروج على القانون، وانها لا تتستر على أحد.
الإجابة ببساطة ليست فقط فى الإجراءات القانونية، بل فى أن يصل إلى عموم المواطنين شعور أكيد بأن الوزارة وسائر فروعها وأجهزتها ترفض مثل هذه الممارسات اللاإنسانية.
ما وقر فى عقول وقلوب عموم المصريين ان ما يحدث من بعض رجال الشرطة، حتى لو كانوا قلة، هو تعبير عن ثقافة عامة داخل وزارة الداخلية خلاصتها انهم فى منزلة أعلى من كل الشعب وبالتالى يحق لهم ان يفعلوا بهذا الشعب ما يشاءون، وعليه أن يقبل ذلك من دون أى تبرم!.
سواء كان ذلك صحيحا أم لا، فالمطلوب من الشرطة ان تبدأ من الآن فى إثبات ان ذلك ليس صحيحا، لا نحتاج إلى بيانات أو تصريحات من قيادات الوزارة عن علاقة الحب بين الشرطة والشعب، أو التشويه التى تعرض لها الوزارة من قوى الشر والإرهاب. نريد فقط ممارسات على الأرض تبرهن على هذا الزعم.
ميراث الشرطة السيئ لدى غالبية الناس طويل وكبير وممتد، والمطلوب ان تبدأ فى تغييره إذا كانت جادة فعلا فى ذلك، وإلا فعليها ألا تتفاجأ إذا تكرر ما حدث فى دار الحكمة يوم الجمعة الماضى فى أماكن أخرى كثيرة؟!
المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى