أعمدة

عماد الدين حسين | يكتب : النظام الإقتصادى مات.. وينتظر الدفن

عماد الدين حسين

قبل أيام تحادثت مع أستاذ اقتصاد متميز. فى نهاية الاتصال الذى دام أكثر من نصف ساعة شعرت بأنه إذا لم تحدث معجزة فإن المستقبل شديد الصعوبة.

الرجل أكاديمى يتابع التطورات عن قرب، هو مستثمر بارز، ويعرف أوضاع السوق فى مصر والمنطقة والعالم.

قال لى: «اطلعت على بعض البيانات والأرقام والمعلومات الحديثة للاقتصاد المصرى فى الأيام الأخيرة.. ومن غير عبارات تجميلية فقد تأكدت أن الوضع كارثى، ومصر تعيش مأزقا وجوديا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ليس فقط على مستوى عجز الموازنة وانخفاض قيمة الجنيه وقلة الإنتاج وزيادة الديون وارتفاع مستوى التضخم والبطالة، وتراجع السياحة، بل على مستوى الكفاءات التى تدير المؤسسات الاقتصادية، ومنها مؤسسات على أعلى درجة من الحساسية، فى المجال الاقتصادى، وبالتالى فإن مصر تحتاج إلى كفاءات استثنائية لإدارة هذه الهيئات والمؤسسات التى وصلت إلى درجة من العجز والترهل تنذر بكوارث لا حصر لها.
كما هو معلوم تعانى مصر مشكلة كبرى فى معظم مرافق الخدمات خصوصا الغاز والكهرباء والمياه وكل ما هو مرتبط بالطاقة.
المشكلة أنه لا توجد كفاءات تكفى لإدارة كل هذه المرافق معا بحيث تخرجها من أزمتها الراهنة. هناك بعض القيادات الأكفاء، لكن عددهم لا يكفى.. قد يكون لديك وزير جيد جدا أو رئيس قطاع، لكن لا يوجد معه فريق كامل من القيادات والكوادر يستطيع أن يقوم بقيادة بقية القطاعات المختلفة بصورة مهنية، والأهم أن يكون مؤهلا للقيادة فى ظل هذه الظروف الصعبة التى يمر بها الاقتصاد المصرى.
الحل من وجهة نظر هذا الخبير ليس فقط فى الكفاءات القليلة، ولكن فى الفلسفة التى تتم بها إدارة الأمور.
هو يعتقد أن النظام الاقتصادى المصرى بشكله القديم والمستمر حتى الآن قد فشل وأخفق وتعثر ومات موتا كاملا، وإكرام الميت هو دفنه!!!.
المصدر يفرق تماما بين النظام الاقتصادى الذى مات، والاقتصاد المصرى الذى يعانى من صعوبات كثيرة، لكنه لايزال لديه فرص واعدة حقيقية، ويمكنه النهوض إذا تمت إدارته بصورة جيدة بديلا لمنطق الفهلوة.
يقول رجل الاقتصاد إن هذا النظام الميت فعليا، كان يقوم فى أحد جوانبه على دعم كل سلعة وخدمة بصورة عينية، وثبت للجميع أن ذلك لم يكن جيدا، حتى لو كانت النوايا طيبة.
الحل البسيط والسهل أن تؤمن الحكومة بأن يتم فتح أبواب العمل للجميع والمنافسة على أسس اقتصادية بحتة نزيهة وشفافة وعادلة، مع قيام الدولة والحكومة بدورها فى دعم المواطنين نقدا، أو فى نهاية العملية، وليس قبلها أو فى أثنائها، لأنه فى هذا النظام الميت فإن الذى استفاد فعلا من الدعم هم الأغنياء فقط والقليل من الفقراء.
من وجهة نظره فإن المطلوب هو إعادة تنظيم الأسواق والهيئات، وأن نكون متأكدين من أن الإدارة صحيحة وجيدة، والمنافسة مضمونة بشروط عادلة، مع مواجهة حقيقية للفساد والإهمال والتواطؤ.
يقول هذا الخبير إن وزارة الكهرباء والمالية لم تدفعا لهيئة البترول أكثر من ٢٠٠ مليار جنيه مستحقات. هو يعتقد أن الدولة ينبغى أن تعيد النظر فى كل «السيستم» الموجود.
لم يعد مقبولا أن يتم إدارة مصر للطيران والسكة الحديدية وهيئة البترول وهيئات أخرى مماثلة بنفس الطريقة القديمة.. ينبغى فك التشابكات المالية بينها والعمل بأسلوب جديد.
الرجل يختم كلامه الصريح بقوله: الأشقاء فى الخليج قدموا لنا الكثير منحا ومساعدات وودائع وتسهيلات، وينبغى أن نشكرهم، وندرك أن هذا لن يستمر إلى الأبد. علينا كما يقول أن نبدأ فى مواجهة الحقيقة ونقيم نظاما اقتصاديا عادلا وقابلا للحياة والتطور.
المصدر 

زر الذهاب إلى الأعلى