أعمدة

ياسر أيوب | يكتب : الكرة المصرية فى 60 سنة أفريقية

%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%B1 %D8%A3%D9%8A%D9%88%D8%A8 1

تغير العالم كثيرا وجدا فى ستين سنة.. وتغيرت مصر بكل ما ومن فيها.. فمصر التى ستلعب اليوم نهائى أمم أفريقيا أمام الكاميرون فى الجابون ليست مطلقا هى مصر التى لعبت فى شهر فبراير أيضا ولكن منذ ستين سنة أول نهائى لنفس هذه البطولة أمام إثيوبيا فى السودان.. حتى كرة القدم وصورتها ومعناها وضرورتها ووظيفتها تغيرت تماما خلال هذه الستين سنة.. ففى الخرطوم سنة 1957 كان المصريون يلعبون ويريدون الفوز على إثيوبيا، لأنهم أرادوا الفوز بأول بطولة أفريقية.

ولأن الإدارة المصرية أرادت الفوز بهذه البطولة، حيث أرادها جمال عبدالناصر، الذى بدأ يلتفت لأفريقيا ويستغل كرة القدم من أجل ذلك، ورفض كل المطالب بأن تستضيف مصر أول بطولة أمم أفريقيا وأهداها للسودان.. وأرادها أيضا عبدالعزيز سالم، رئيس الاتحاد المصرى لكرة القدم وقتها، بعد كل الجهود التى قام بها طيلة سنة كاملة، وانتهت بتأسيس عبدالعزيز سالم للاتحاد الأفريقى لكرة القدم، الذى أصبح عبدالعزيز نفسه أول رئيس له، وهو الذى قدم أول كأس لأمم أفريقيا.. أما فى 2017.. فقد أصبحت مصر تريد نفس البطولة، ولكن من أجل أن يفرح الناس.. وبالتأكيد يريد الرئيس السيسى هذه البطولة ولكن ليس لنفس الأسباب التى من أجلها أرادها الرئيس جمال عبدالناصر.. بالتأكيد أيضا يريد هانى أبوريدة هذه البطولة، كرئيس للاتحاد المصرى لكرة القدم، ولكن ليس بنفس دوافع عبدالعزيز مصطفى..

حتى المدير الفنى الحالى لمنتخب مصر، الأرجنتينى كوبر، يريد هذه البطولة لأسباب أخرى تختلف تماما عن أسباب مراد فهمى، مدرب المنتخب المصرى سنة 19577.. واللاعبون اليوم بقيادة الحضرى ومحمد صلاح وعبدالله السعيد وأحمد فتحى وزملاؤهم نجوم زماننا الحالى.. تختلف دوافعهم وطموحاتهم عن جيل اللاعبين الفائزين بأول بطولة كأس أمم.. براسكوس ومسعد داود ونور الدالى ورفعت الفناجيلى وحنفى بسطان ومحمد قطب وإبراهيم توفيق ورأفت عطية وعلاء الحامولى وحمدى عبدالفتاح.. والنجم الأول محمد دياب العطار، الشهير باسم الديبة، الذى سجل وحده أربعة أهداف فى مرمى إثيوبيا، فازت بها مصر بأول بطولة أمم أفريقية.. هؤلاء النجوم القدامى يستحقون إعلان أسمائهم الآن والاحتفاء بهم أيضا مثلما كانت مصر تستحق أصلا أن يحتفل بها الاتحاد الأفريقى تكريما لها ولكل ما قدمته من أجل أن تملك أفريقيا اتحادا كرويا وبطولة لكأس أمم.. لكنه ليس وقت العتب والمراجعة والتفتيش عن أسباب أو حتى غضب وحزن.. فمصر الحالية تملك ما يكفيها من الغضب والحزن ولم تعد تحتاج أو تريد إلا أن تفرح.. والفوز اليوم بالنهائى سيأتى بالفرحة.. فرحة حقيقية ومؤقتة وليست نوعا من إلهاء الناس عن همومها ومواجعها كما يتخيل الذين يكرهون أو يخافون أن يفرح الناس فى مصر.. فرحة ضرورية من أجل أن تبقى الحياة ممكنة ومن أجل القدرة على الاستمرار.. فرحة يستحقها المصريون الطيبون ويقدر على تحقيقها فى الجابون اليوم لاعبو مصر الذين أصبحوا يدركون ويعرفون قيمة وضرورة انتصارهم.

المصدر 

زر الذهاب إلى الأعلى