أعمدة

ياسر أيوب | يكتب : اعتذار للاتحاد العربى لكرة القدم

ياسر أيوب

وسط انشغال الجميع بانتظار النهائى الأفريقى بين الزمالك وصان داونز ثم انشغالهم بتداعيات وأسباب ونتائج خسارة الزمالك.. أعلن الأمير تركى بن خالد بن فيصل رئيس الاتحاد العربى لكرة القدم عودة بطولات كرة القدم العربية.. وقام الأمير بزيارة جبلاية القاهرة حيث قام وهانى أبوريدة الاتحاد المصرى لكرة القدم بتوقيع عقد استضافة مصر لأول بطولة عربية للأندية ستقام فى الإسكندرية الصيف المقبل.

وتحدث الأمير والرئيس بمناسبة هذا التوقيع عن فرحتهما بعودة هذه البطولات الكروية التى ستصبح رسالة العرب للعالم كله بأنهم قادرون على التجمع كما أنها ستعكس واقع الكرة العربية وطموح الشباب العربى.. وكل هذا الكلام الكبير والجميل الذى لا علاقة له بالحقيقة والواقع المعاش يوما وراء يوم على الأرض العربية.. فمن الواضح أن الأمير والرئيس لا يعرفان هذا الواقع المسكون بالخلافات والأزمات والجروح وحساسيات سياسية واجتماعية لا أول لها أو آخر.

وليست لديهما أدنى فكرة عن شكل ومحتوى ومناهج الإعلام العربى أو المناخ العربى كما تعكسه الصفحات العربية للتواصل الاجتماعى بتعليقاتها وإهاناتها وشتائمها المتبادلة.. وما ستفعله هذه البطولات الكروية العربية الجديدة لن يكون إطفاء كل هذه الحرائق إنما سيصبح أقرب إلى سكب مزيد من البنزين لكبر هذه الحرائق وتزداد اشتعالا.. وستتحول هذه المباريات التى فيها أندية مصرية وسعودية وجزائرية وسورية وسودانية وتونسية وقطرية إلى منصات ساخنة لبدء حروب وصراعات جديدة لن ينتصر فى نهايتها أحد لكن سيخسر بسببها الجميع..

بل إن هذه اللقاءات الكروية ستفتح من جديد كل الجروح السياسية والاقتصادية نصف المغلقة.. فمجتمعاتنا العربية لا تزال حتى الآن لا ترى كرة القدم مجرد لعبة إنما هى تجسيد الكبرياء الوطنى والكرامة القومية وخسارة مباراة أو بطولة بالنسبة لأى جمهور عربى تصبح غالبا خسارة للشرف وإهانة يصعب نسيانها وتجاوزها.. وأدرك تماما أن كلامى هذا لن يقبله كثيرون جدا هنا وهناك.. وأن هؤلاء الكثيرين لا يرون مانعا من المحاولة وعودة مباريات وبطولات العرب الكروية على أمل تغيير الفكر والسلوك.. ولا أشارك هؤلاء للأسف الشديد رؤيتهم وتفاؤلهم فأنا لا أرى إلا هذا الواقع العربى الذى أعرفه وأعيشه كل يوم.. وأؤكد مرة أخرى أن الذين قرروا عودة هذه البطولات لا يعرفون هذا الواقع أو يمتلكون قدرة وجرأة هائلة على تجاهله كأنه ليس موجودا.

هذا غير قضايا أخرى لم يتطرق إليها الشيخ والرئيس وهما يقرران عودة هذه البطولات.. فهل الأندية العربية لديها الوقت الكافى للمشاركة فى بطولات ليس معترفا بها دوليا وهل سيتم انتقاء الأندية المشاركة فى هذه البطولات على أسس سياسية حسب مواقف بلدانها سواء من الرياض أو القاهرة.

ومتى سيدرك مسؤولو الاتحاد العربى لكرة القدم مع كل التقدير والاحترام لهم أنهم ليسوا مطالبين بالضرورة بتنظيم أى بطولات ومباريات.. فهم يشبهون تماما مسؤولو الشاشات العربية الذين يتخيلون أنهم بلا وظيفة ودور وحياة إن لم يمتلكوا حقوق بث المباريات.. فالإعلام الكروى سيبقى أكبر من ذلك والاتحاد العربى لديه واجبات أهم من هذه البطولات.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى