أعمدة

ياسر أيوب | يكتب : الزمالك وحديث التوك توك

%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d8%b1-%d8%a3%d9%8a%d9%88%d8%a8

فى المباراة الأولى للنهائى الكروى الأفريقى.. يلعب الزمالك اليوم أمام صن داونز، بطل جنوب أفريقيا، والتى سافر إليها الزمالك يحمل معه الكثير جدا من الأحلام والرهانات والمخاوف أيضا.. وإذا كان من الطبيعى جدا أن يقف اليوم كل أبناء الزمالك وعشاقه وجماهيره مع ناديهم طمعا وأملا فى بطولة جديدة.. فإنه من حق أى أحد آخر أن يتمنى اليوم الفوز للزمالك لكنه ليس حقا لأى أحد اتهام مَن لا يتمنى الفوز اليوم للزمالك بالخيانة أو انعدام الانتماء والأخلاق.. وأنا على سبيل المثال أتمنى بالفعل فوز الزمالك، رغم انتمائى الدائم للأهلى وأمنيتى أن يفوز الأهلى بكل بطولات الدنيا.. أتمنى فوز الزمالك لأن الأهلى ليس حاضرا، ولأن الزمالك يستحق هذه البطولة بعد كل الذى قدمه فكرا وتخطيطا وإعدادا واهتماما..

لكنه مجرد إحساس فردى لا يفرضه أى قانون ولا علاقة له بانتماء لوطن أو عَلَم.. فالزمالك لا يلعب اليوم باسم مصر، إنما يلعب باسم الزمالك فقط.. تماما مثلما يلعب الأهلى وأى ناد مصرى آخر فى أى بطولة أفريقية.. يلعبون جميعهم باسم أنديتهم وجماهيرهم وليس باسم مصر أو بالنيابة عن كل المصريين.. وهذه هى الحقيقة التى كتبتها كثيرا من قبل، وأشرت كثيرا أيضا إلى أنها حقيقة يتعامل معها ويعترف بها العالم كله حولنا.. فليس هناك نادٍ أوروبى أو عربى أو أفريقى يلعب فى بطولة أندية باسم بلاده.. وبالتالى لا أفهم سر كل هذا الجدل الذى أُثير مؤخرا حول مصريين يحبون مصر وينتمون إليها لكنهم لن يشجعوا الزمالك اليوم ولن يتمنوا له الفوز.. وشهدنا الأيام القليلة الماضية صراخا وانفعالات ومبالغات وأداء تمثيليا رديئا حول الوطنية ومصر، التى هى الأم، وأرضها الطيبة، وكلاما كثيرا مكررا ومعادا وزائفا أيضا.. شهدنا الأيام القليلة الماضية دليلا إضافيا على أننا أصبحنا مجتمعا يهوى اختلاق الأزمات والمعارك الفارغة نتيجة خلل المفاهيم وخلط الحقائق بالأوهام.. فأصبح الدليل الأقوى للوطنية والانتماء هو تشجيع الأهلاوى للزمالك أو العكس.. وبالطبع لا أحد ينتبه لسذاجة هذا المعنى، الذى يدل على أننا لم نعد ننتبه أصلا لقيمة ووظيفة هذا الوطن ودلالة ومعنى الانتماء له.. تماما مثل حديث سائق التوك توك الذى انفجر خلال الأيام الماضية بدون مناسبة وتحول أيضا إلى مقياس للوطنية.. فالسائق البسيط صرخ من المعاناة والألم والخوف والإحباط.. ولأننا لم نعد نتحمل أو نقبل أى رأى آخر.. فقد تحول الرافضون والمعارضون للنظام الحالى إلى دراويش يرقصون فى حلقة ذكر حول الفيلسوف والحكيم سائق التوك توك.. وأصبح المؤيدون والمتحمسون للنظام يرون حكاية هذا السائق باعتبارها تمثيلية مدبرة ومتفقا عليها.. وأن هذا السائق ينتمى للإخوان أو مجرد أداة فى يد قوى شيطانية تكره هذا الوطن وتريد أن تهدمه.. بالطبع لم يقف أحد على أى جانب لمناقشة دلالة ما قاله السائق.. إنما اختلفنا حول مَن يقف وراء هذا السائق ومَن الذى أذاع حديثه ومَن المستفيد.. فهذا هو حالنا اليوم مع أى قضية أو حكاية أو حتى بطولة كرة.

المصدر

زر الذهاب إلى الأعلى