أخبار العالم

كيف «تفاجأت» الحكومة بوجود مصنع ألبان تساهم فيه؟

%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D8%A9

أعلن وزير الصحة والسكان، اكتشاف مصنعا لإنتاج ألبان الأطفال، أمس الثلاثاء، بعد عامٍ من أزمة عاشتها الأسر المصرية لتوفير احتياجات أطفالها من الألبان، لتخرج على إثرها احتجاجات غاضبة مطلع سبتمبر من العام الماضي.

تلك الأزمة استدعت تدخل جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة لاستيراد 30 مليون عبوة لتغطية الاحتياج المحلي، وبدأ معها التفكير في إنشاء مصنع لإنتاج الألبان محلياً بالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي، قبل أن يعلن وزير الصحة أحمد عماد راضي عن “مفاجأة” للصحفيين المرافقين لجولته الميدانية يوم الثلاثاء، بمصنع “إيبيكو” للأدوية.

يوم إعلان “الاكتشاف”، بدت علامات الحيرة على وجوه المرافقين، تساءلوا فيما بينهم عن تلك المفاجأة غير المُدرجة على جدول زيارة الوزير لمدينة العاشر من رمضان. يرتدي الجميع زيًا طبياً لضمان إجراءات التعقيم، قبل أن يدخل الوزير قائلًا: “إحنا عندنا مصنع مصري لإنتاج ألبان الأطفال، يغنينا عن الاستيراد من الخارج”، وما أن تنتهي عبارته حتى ينطلق سيُل من الأسئلة والاستفسارات.

قال وزير الصحة: “اكتشفنا وجود مصنع مصري اسمه (لاكتو مصر) لإنتاج الألبان مقام على أرض مصرية وتشارك الشركة العربية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية (أكديما) القابضة بنحو 2% من استثماراته، وإنتاجه يُغنينا عن الاستيراد من الخارج”.

و”لاكتو مصر” شركة متخصصة في مجال إنتاج حليب لبن الأطفال المجفف، تأسست عام 2000، على مساحة 31 ألف متر مربع، ولديها أول مصنع في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا لإنتاج حليب لبن الأطفال، وتمتلك مجموعة الكعكي السعودية ما يقرب من 60 بالمائة من أسهم الشركة، وتملك الشركة العربية للصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية “أكديما” 2 بالمائة من الأسهم، والنسبة المتبقية لرجل الأعمال إبراهيم عزت.

ويبلغ حجم احتياج السوق المحلي من الألبان نحو 18 مليون عبوة استوردتها الحكومة خلال العام الماضي بـ 450 مليون جنيه، في حين يُنتج مصنع “لاكتو مصر” 35 مليون عبوة يُصدرها كلها إلى الخارج، منذ إعادة تشغيله في 2014.

وكان المصنع “المُكتشف” توقف عن الإنتاج في نهاية عام 2005، عقب خلاف مع وزارة الصحة، على إثر فساد شحنتين من الألبان داخل مخازن الشركة المصرية لتوزيع الأدوية المُكلفة بتوزيع إنتاج الألبان من “لاكتو مصر” بحسب مصادر تحدثت لمصراوي داخل المصنع. وأضافت المصادر: “في هذا العام فسدت الشحنتان من سوء التخزين، حيث تركوها في الشمس، واتهموا المصنع بالفساد وتم إغلاق خط الإنتاج”.

وأرجعت وزارة الصحة إبان تولي الدكتور حاتم الجبلي الوزارة، إغلاق المصنع، لورود شكاوي من الأهالي بتضرر أطفالهم جراء تناول تلك العبوات. وأشارت الدكتورة ماجدة رخا رئيس المعامل المركزية حينها، إلى أن هذه المشكلة بدأت منذ 29 سبتمبر 2005، عن طريق شكاوى الأهالي التي وردت من عدة محافظات خاصة سوهاج، وأثبتت العينات التي تم تحليلها إلى فساد اللبن بـ”التزرنخ”.

وبحسب الموقع الإليكتروني للشركة، حصل المصنع على عدة شهادات دولية منها الأيزو لإدارة نظام الجودة، وأيزو لإدارة نظام الأغذية من شركة TUV الألمانية وأيزو إدارة نظام البيئة وOHSAS لإدارة نظام السلامة والصحة المهنية وشهادة الحلال وأيزو لمعمل ضبط الجودة.

يقول رئيس مجلس إدارة مصنع “لاكتو مصر”، إبراهيم عزت، إن “مافيا الاستيراد” تسببت في توقف توريد إنتاج الشركة للسوق المحلي، وهذا نفس ما أورده المتحدث العسكري في بيان إبان أزمة نقص الألبان في السوق، حيث أشار إلى أن “القوات المسلحة لاحظت قيام الشركات المختصة باستيراد الألبان باحتكار العبوات للمغالاة في سعرها، ما تسبب في زيادة المعاناة على المواطن البسيط”.

وأوضح عزت أن إدارة المصنع فضلت الابتعاد عن التعامل في السوق المحلي بسبب ما تعرضت له سابقا، “زهقت من الحكومةوقلت أريح دماغي وأصدر”.

ورغم إعادة تشغيل المصنع، وتصديره 35 مليون عبوة سنويا، إلا أن الحكومة لم تفكر في اللجوء لتغطية احتياجات السوق المحلي بالشراء منه رغم أن انتاجه يزيد عن احتياجاتنا بـ17 مليون عبوة، ما أدى لتفاقم أزمة لبن الأطفال التي اندلعت منذ سبتمبر 2016.

ويوضح الدكتور عوض جبر، مستشار غرفة صناعات الدواء باتحاد الصناعات، أن المصنع وفّر احتياجات وزارةالصحة في بداية فترة تشغيله قبل أن يتم إغلاقه لسوء تخزين الشحنات، مؤكدًا أن الوزارة أغلقت المصنع حينها ومنذ هذا التوقيت “لم يهتم أحد بإعادة النظر رغم أنه يصدر لأوروبا”.

وأضاف : “عندنا في مصر لما بتحصل أي مشكلة يقولك اقفل المصنع خوفًا من تحمل المسؤولية، وخلال السنوات الأخيرة تواصلت إدارة المصنع مع الوزارة لكن الحكومة مكنتش عاوزه تاخد المخاطرة وتشغله للسوق المحلي، ومع تغير الوزراء أهمل الموضوع”.

داخل مكتب رئيس الشركة عدة صور لبداية تشغيل المصنع، على الجدار الطولي صورتين تجمعه بالرئيس الأسبق حسني مبارك في الافتتاح، وعلى الجهة المقابلة صورته وهوّ يوقع عقود الحصول على المعلومات والمعرفة الفنية (الدراية الفنية) من إحدى الشركات الألمانية، وفي خلفية الصورة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيسالحكومة الأسبق أحمد نظيف.

وقرر وزير الصحة إلغاء جميع مناقصات الألبان الخاصة بالأطفال بداية من العام المقبل، والاعتماد على مصنع لاكتو مصر الذي ينتج سنويا 35 مليون عبوة، وقال “المصنع هيوفر للحكومة الكثير من العملة الصعبة التي كنا ندفعها لاستيراد الألبان من الخارج، كما سيساهم في تخفيض أسعار العبوات بالسوق بنسبة كبيرة.”

هذا القرار لم يكن الوحيد، إذ قال الدكتور أحمد عماد لمصراوي، إنه سيتم الاستغناء عن فكرة إنشاء “مصنع الألبان” والذي كان مقررًا إقامته بالتعاون مع وزارة الإنتاج الحربي، مضيفًا: “خلاص بقى عندنا مصنع محلي ومش محتاجين مصنع جديد”.

المفارقة جاءت في أن وزارة الإنتاج الحربي وقعت برتوكول تعاون مع ذات الشركة “لاكتو مصر”، نهاية يناير الماضي، بشأن إنشاء المصنع الجديد لصناعة ألبان الأطفال، كما جاءت المفارقة الثانية، أن المصنع يُصدر إنتاجه للدول الأجنبية ومنها هولندا، في حين تستورد مصر احتياجاتها من بلجيكا وسويسرا وفرنسا.

 

المصدر 

shady zaabl

كاتب صحفي مصري مهتم بالمواقع الإلكترونية وإدارتها وكتابة المقالات في جميع الأقسام وذو خبرة في الصحافة والإعلام والمحتوى لـ 5 سنوات وفقً لدراسة أكاديمية وتطبيق عملي .
زر الذهاب إلى الأعلى